الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              تنبيهات

                                                                                                                                                                                                                              الأول : ما ذكرته عائشة ومجاهد جامع بين الأقوال السابقة في تفسير المبهم .

                                                                                                                                                                                                                              الثاني : قال الحافظ : لم يختلف السلف في أن فاعل عبس النبي صلى الله عليه وسلم وأغرب الداوودي فقال : هو الكافر .

                                                                                                                                                                                                                              الثالث : من الغرائب قول القاضي أبي بكر بن العربي : قول علمائنا : إن الرجل المبهم الوليد بن المغيرة وقال آخرون إنه أمية بن خلف والقياس على هذا كله باطل وجهل من المفسرين ، وذلك أن أمية والوليد كانا بمكة وابن أم مكتوم كان بالمدينة وما حضر معهما ولا حضرا معه ، وكان موتهما كافرين أحدهما قبل الهجرة والآخر في بدر ولم يقصد قط أمية المدينة ولا حضر عنده مفردا ولا مع أحد كذا نقله عنه تلميذه السهيلي والقرطبي وأقراه .

                                                                                                                                                                                                                              وهو كلام خرج من القاضي من غير روية لأن ابن أم مكتوم من أهل مكة بلا خلاف ، وهو ابن خال خديجة أم المؤمنين ، أسلم قديما وكان من المهاجرين الأولين ، قدم المدينة قبل أن يهاجر النبي صلى الله عليه وسلم . وقيل بل بعده وصححوا الأول ، وسورة عبس مكية بلا خلاف ، فأي شيء يمنع من اجتماع ابن أم مكتوم والوليد أو أمية ؟

                                                                                                                                                                                                                              ثم القائل لذلك إنما هو الصحابة والتابعون كما تقدم ، نقل ذلك عنهم وهم أعلم من غيرهم ، ولو كانت سورة عبس نزلت بالمدينة أو أن ابن أم مكتوم أسلم بها لصح ما قاله ، والحال أن الأمر بخلاف ذلك ولم أر من نبه على ذلك . وعجبت من سكوت صاحب الزهر عن ذلك مع أنه يناقش في أسهل شيء .

                                                                                                                                                                                                                              الرابع : من الغرائب أيضا قول السهيلي : إن ابن أم مكتوم لم يكن آمن بعد أي حين أنزلت سورة عبس وبسط الكلام على ذلك .

                                                                                                                                                                                                                              قال في الزهر : ينبغي أن يتثبت في هذا الكلام ، فإني لم أر من قاله جزما ولا نقلا من مؤرخ ومفسر ، فينظر قول جميعهم فيه : قديم الإسلام يرده .

                                                                                                                                                                                                                              قال : ثم إن السهيلي أكد بقوله : استدنيني يا محمد ، ولم يقل يا رسول الله . قال مغلطاي ، ولفظة « استدنيني يا محمد » لم أرها ، فتنظر .

                                                                                                                                                                                                                              قلت : أما لفظ السيرة التي شرحها السهيلي : فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعل يستقرئه القرآن . ولفظ رواية الترمذي وحسنها وصححها ابن حبان عن عائشة : فجعل يقول يا رسول الله أرشدني . إلخ ولفظ رواية ابن عباس عند ابن مردويه : فجعل عبد الله يستقرئ النبي صلى الله عليه وسلم آية من القرآن . قال يا رسول الله علمني مما علمك الله . [ ص: 425 ]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية