الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الثالث عشر : في وفاتها -رضي الله تعالى عنها- ووصيتها إلى أسماء بنت عميس -رضي الله تعالى عنها- بما تصنعه بعد موتها ، ومن صلى عليها ، ومن دخل قبرها ، وموضعه

                                                                                                                                                                                                                              روى الطبراني بأسانيد رجال أحدها رجال الصحيح ، عن عائشة ، والبخاري عن الزهري عن عروة عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت : توفيت السيدة فاطمة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بستة أشهر ، وفي رواية : ليلة الثلاثاء لثلاث خلون من رمضان سنة إحدى عشرة ، ودفنها علي بن أبي طالب -رضي الله تعالى عنه- ليلا .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني برجال الصحيح إلا أن جعفرا الصادق لم يدرك القصة ، ففيه انقطاع عن جعفر بن محمد- رحمهما الله تعالى- قال : مكثت فاطمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أشهر ، وما رئيت ضاحكة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إلا أنهم قد أمتروا في طرف نابها .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني عن عبد الله بن محمد بن عقيل -رحمه الله تعالى- منقطعا؛ لأن عبد الله لم يدرك القصة ، أن فاطمة -رضي الله تعالى عنها- لما حضرتها الوفاة أمرت عليا فوضع لها غسلا ، فاغتسلت وتطهرت ، ودعت بثياب أكفانها فأتيت بثياب غلاظ خشن ، فلبستها ومست من حنوط ، ثم أمرت عليا أن لا يكشف عورتها إذا قبضت ، وأن تدرج كما هي في ثيابها ، فقلت له : هل علمت أحدا فعل ذلك ؟ قال : نعم ، كثير بن العباس ، وكتب في أطراف أكفانه : يشهد كثير أن لا إله إلا الله .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد بسند فيه من لم يعرف عن أم سلمة قالت : اشتكت السيدة فاطمة بنت سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم شكواها التي قبضت فيها ، فكنت أمرضها فأصبحت يوما كأمثل ما رأيتها في شكواها تلك ، قالت : وخرج علي لبعض حاجته ، فقالت : يا أمه ، اسكبي لي غسلا ، فسكبت لها غسلا فاغتسلت كأحسن ما رأيتها تغتسل ، ثم قالت : يا أمي ، أعطني ثيابي الجدد ، فأعطيتها فلبستها ، ثم قالت : يا أمه قدمي لي فراشي وسط البيت ، ففعلت ، واضطجعت واستقبلت القبلة ، وجعلت يدها تحت خدها ، ثم قالت : يا أمه ، إني مقبوضة الآن ، وقد تطهرت ، فلا يكشفني أحد ، فقبضت مكانها ، فجاء علي فأخبرته .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو نعيم عن فاطمة -رضي الله تعالى عنها- أنها قالت لأسماء : يا أسماء ، إني قد [ ص: 50 ] استقبحت هذا الذي يصنع بالنساء ، يطرح على المرأة الثوب فيصفها ، فقالت أسماء : يا بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ألا أريك شيئا رأيته بالحبشة ، فدعت بجرائد رطبة فحتتها ، ثم طرحت عليها ثوبا ، فقالت لفاطمة : ما أحسن هذا وأجمله ، تعرف به المرأة من الرجل ، فإذا أنا مت فغسليني أنت وعلي ، ولا يدخل علي أحد ، ثم اصنعي بي هكذا ، فلما توفيت صنع بها ما أمرت بعد أن غسلتها أسماء وعلي رضي الله تعالى عنهم .

                                                                                                                                                                                                                              الرابع عشر : في أن الله تعالى حرمها وذريتها على النار

                                                                                                                                                                                                                              روى البزار وتمام في "فوائده" والطبراني وابن عدي والعقيلي والحاكم ، عن ابن مسعود ، وابن شاهين في مسند "الزهر" وابن عساكر من طريق آخر عنه ، والطبراني في "الكبير" بسند رجاله ثقات ، عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "إن فاطمة أحصنت فرجها فحرمها الله -عز وجل- وذريتها على النار" زاد العقيلي : قال ابن كريب : هذا للحسن والحسين ولمن أطاع الله -عز وجل- منهم .

                                                                                                                                                                                                                              وفي لفظ : إن الله -عز وجل- غير معذبك ولا ولدك .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الخطيب أن الإمام علي بن موسى المديني -رضي الله تعالى عنه- سئل هذا الحديث فقال : هذا خاص بالحسن والحسين رضي الله تعالى عنهما .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية