الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الخامس : في صفته وأن كل نبي أنذر قومه الدجال .

                                                                                                                                                                                                                              روى الطيالسي بسند صحيح وابن أبي شيبة والإمام أحمد رضي الله عنه عن سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث . وفيه : «ألا وإنه» أي الدجال «أعور عينه اليسرى ، وباليمين ظفرة غليظة ، بين عينيه كافر» . وروى الطبراني عن أسماء بنت يزيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «أحذركم المسيح وأنذركموه ، وكل نبي قد حذر قومه ، وهو فيكم أيتها الأمة ، وسأحكي لكم من نعته ما لم يحك الأنبياء قبلي لقومهم ، يكون قبل خروجه سنون خمس حدب حتى يهلك كل ذي حافر» قيل : فبم يعيش المؤمنون ؟ قال : «بما تعيش به الملائكة ، ثم يخرج وهو أعور وليس الله بأعور ، بين عينيه كافر يقرأه كل مؤمن كاتبا وغير كاتب ، أكثر من يتبعه اليهود والنساء والأعراب ، ترون السماء تمطر وهي لا تمطر ، وترون الأرض تنبت وهي لا تنبت ، ويقول للأعراب : ما تبغون مني ؟ ألم أرسل السماء عليكم مدرارا وأحيي لكم أنعامكم شاخصة دارها ، خارجة خواصرها ، دارة ألبانها ، وتبعث معه الشياطين على صورة من قد مات من الآباء والإخوان والمعارف؛ فيأتي أحدهم إلى أبيه وأخيه وذي رحمه ، فيقول : ألست فلانا ؟ ألست تعرفني ، هو ربك فاتبعه ، يعمر أربعين سنة ، السنة كالشهر ، والشهر كالجمعة ، والجمعة كاليوم ، واليوم كالساعة ، والساعة كاحتراق السعفة في النار ، يرد كل منهل إلا المسجدين» ثم قال [ ص: 176 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ فسمع بكاء الناس وشهيقهم ، فرجع فقام بين أظهرهم ، فقال : «أبشروا؛ فإن يخرج وأنا بين أظهركم ، فالله كافيكم ورسوله ، وإن يخرج بعدي فالله خليفتي على كل مسلم» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «أما فتنة الدجال ، فإنه لم يكن نبي إلا حذر أمته وسأحذركموه بحديث لم يحذره نبي أمته ، إنه أعور والله ليس بأعور ، مكتوب بين عينيه كافر يقرأه كل مؤمن . . » الحديث .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن الله عز وجل لم يبعث نبيا إلا حذر أمته الدجال ، وإني آخر الأنبياء ، وأنتم آخر الأمم ، وهو خارج فيكم لا محالة ، فإن يخرج وأنا بين أظهركم فأنا حجيج كل مسلم ، وإن يخرج فيكم بعدي فكل امرئ حجيج نفسه ، والله خليفتي على كل مسلم ، إنه يخرج من خلة بين العراق والشام ، وعاث يمينا وعاث شمالا ، يا عباد الله ، اثبتوا؛ فإنه يبدأ يقول : أنا نبي ولا نبي بعدي ، وإنه مكتوب بين عينيه كافر ، يقرأه كل مؤمن ، فمن لقيه فليتفل في وجهه ، وليقرأ بفواتح سورة أصحاب الكهف ، وإنه يسلط على نفس من بني آدم فيقتلها ، ثم يحييها ، وإنه لا يعدو ذلك ، ولا يسلط على نفس غيرها ، وإن من فتنته أن معه جنة ونارا ، فناره جنة ، وجنته نار ، فمن ابتلي بناره ، فليغمض عينيه ، وليستعن بالله تكون بردا وسلاما ، كما كانت النار بردا وسلاما على إبراهيم ، وإن أيامه أربعون يوما ، يوم كسنة ، ويوم كشهر ، ويوم كجمعة ، ويوم كالأيام ، (وآخر أيامه ) كالسراب ، يصبح الرجل عند باب المدينة فيمسي قبل أن يبلغ بابها الآخر ، قالوا : وكيف نصلي يا رسول الله في تلك الأيام القصار ؟ قال : «تقدرون فيها كما تقدرون في الأيام الطوال» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطيالسي وابن أبي شيبة وابن حبان عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «إن الدجال أعور هجان أزهر ، كأن رأسه أصلة ، أشبه الناس بعبد العزى بن قطن ، فإن هلك الهالك فإن ربكم ليس بأعور» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى مسدد والإمام أحمد وأحمد بن منيع والحارث برجال ثقات عن قتادة بن أمية رحمه الله تعالى عن رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :

                                                                                                                                                                                                                              «أنذركم الدجال ثلاثا ، فإنه جعد ممسوح العين اليسرى» .

                                                                                                                                                                                                                              انتهى .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن حبان عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «ما من نبي إلا حذر أمته الدجال ، إنه أعور ، وإن ربكم ليس بأعور ، مكتوب بين عينيه كافر ، يقرأه كل مؤمن كاتب وغير كاتب» . [ ص: 177 ]

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو يعلى عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ، فكان أكثر خطبته حديثا ، حدثناه عن الدجال ، فكان من قوله أن قال : «إنه لم تكن فتنة في الأرض منذ ذرأ الله ذرية آدم أعظم من فتنة الدجال ، وإن الله لم يبعث نبيا قط بعد نوح إلا حذر أمته ، وأنا آخر الأنبياء ، وأنتم آخر الأمم ، وهو خارج فيكم لا محالة ، فإن يخرج وأنا بين أظهركم ، فأنا حجيج كل مسلم ، وإن يخرج بعدي ، فكل امرئ حجيج نفسه ، والله خليفتي على كل مسلم» . الحديث .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد ، وأحمد بن منيع برجال ثقات عن هشام بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «إن رأس الدجال من ورائه حبك حبك [وإنه سيقول أنا ربكم ، فمن قال : أنت ربي ، افتتن ، ومن قال : كذبت ، ربي الله وعليه توكلت وإليه أنيب؛ فلا يضره ، أو قال : فلا فتنة عليه]» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو يعلى من طريق مجالد بن سعيد عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : إن كل نبي أنذر قومه الدجال ، ألا وإنه قد أكل الطعام ، ألا إني عاهد إليكم عهدا لم يعهده نبي لأمته ، ألا وإن عينه اليمنى ممسوحة كأنها نخاعة في جانب حائط ، ألا وإن عينه اليسرى كأنها كوكب دري . . الحديث .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية