الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الثالث عشر : في لبسه صلى الله عليه وسلم الدرع والمغفر ، وسيفه والبيضة ودرقته وقبيعته وقوسه وحجفته

                                                                                                                                                                                                                              وروى البخاري عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو في قبته : اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك ، الحديث . وفيه : فخرج وهو في الدرع ، وهو يقول : سيهزم الجمع ويولون الدبر [القمر : 45] .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد والنسائي والبيهقي والترمذي في الشمائل وأبو داود عن السائب بن يزيد -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ظاهر بين درعين يوم أحد .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 116 ] وروى الترمذي وقال حسن غريب عن الزبير بن العوام -رضي الله تعالى عنه- قال : كان للنبي صلى الله عليه وسلم درعان يوم أحد الحديث .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الشيخان عن سهل بن سعد -رضي الله تعالى عنه- أنه سئل عن جرح رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد ، فقال : جرح وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكسرت رباعيته ، وهشمت البيضة على رأسه . الحديث .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الشيخان عن أنس -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عام الفتح على رأسه المغفر . الحديث .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الشيخان عن أنس -رضي الله تعالى عنه- قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس ، وأشجع الناس ، وأجود الناس ، ولقد فزع أهل المدينة فخرجوا نحو العيون فاستقبلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد استبرأ الخبر وهو على فرس عري وفي عنقه السيف ، وهو يقول : لن تراعوا لن تراعوا ، ثم قال : وجدناه لبحرا وإنه لبحر .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو داود والترمذي وقال : حسن غريب والنسائي وقال : منكر عنه -رضي الله تعالى عنه- قال : كانت قبيعة سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم فضة .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد والترمذي عن ابن سيرين -رحمه الله تعالى- قال : صنعت سيفي على سيف سمرة -يعني ابن جندب- وزعم سمرة أنه صنع سيفه على سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان حنفيا .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الترمذي وقال : حسن غريب عن مزيدة العصري -رضي الله تعالى عنه- قال : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح وعلى سيفه ذهب وفضة ، فسئل عن الفضة فقال : كان قبيعة السيف فضة .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد والترمذي وقال : حسن غريب ، والبيهقي عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تنصل سيفه ذا الفقار يوم بدر .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد موصولا عن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- قال : قال رسول [ ص: 117 ] الله صلى الله عليه وسلم : «بعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يعبد الله تبارك وتعالى لا شريك له ، وجعل رزقي تحت ظل رمحي ، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري ، ومن تشبه بقوم فهو منهم» .

                                                                                                                                                                                                                              ورواه البخاري تعليقا بلفظ : ويذكر عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم : «جعل رزقي تحت ظل رمحي» الحديث .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البيهقي عن علي -رضي الله تعالى عنه- قال : «كان بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم قوس عربية ، فرأى رجلا بيده قوس فارسية ، فقال : ما هذه ؟ ألقها وعليكم بهذه وأشباهها ، ورماح القنا؛ فإنهما يزيد الله لكم بهما في الدين ، ويمكن لكم في البلاد» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني عن عبد الله بن بسر -رضي الله تعالى عنه- قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا إلى خيبر فعممه بعمامة سوداء ، ثم أرسلها من ورائه ، أو قال : على كتفه اليسرى ، ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبع الجيش وهو متوكئ على قوس ، فذكر نحو الذي قبله .

                                                                                                                                                                                                                              وروى مسلم عن سلمة بن الأكوع -رضي الله تعالى عنه- قال : رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية عزلا ، يعني ليس معه سلاح ، فأعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم حجفة أو درقة .

                                                                                                                                                                                                                              الرابع عشر : في ترتيبه صلى الله عليه وسلم الصفوف ، والتعبئة عند القتال

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه وابن حبان عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «خير الصحابة أربعة ، وخير السرايا أربعمائة وخير الجيوش أربعة آلاف ، ولن يغلب اثنا عشر ألفا من قلة» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو داود عن عبد الرحمن بن عوف -رضي الله تعالى عنه- قال : عبأنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ببدر ليلا .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد عن أبي أيوب -رضي الله تعالى عنه- قال : صففنا يوم بدر فبدرت منا بادرة أمام الصف ، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : معي معي .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد عن عمار بن ياسر -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يستحب للرجل أن يقاتل تحت راية قومه .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 118 ] الخامس عشر : فيما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه ووعظه العسكر

                                                                                                                                                                                                                              روى ابن أبي شيبة عن أيوب -رحمه الله تعالى- قال : حدثني رجل خدم النبي صلى الله عليه وسلم قال : نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل العسفاء والوصفاء .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو داود عن أبي موسى -رضي الله تعالى عنه- قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكره الصوت عند القتال .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو داود عن قيس بن عباد -رضي الله تعالى عنه- قال : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يكرهون الصوت عند القتال .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد عن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يبيت الرجل وحده أو يسافر وحده .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الشيخان عن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- قال : وجدت امرأة مقتولة في مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنكر رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل النساء والصبيان ، وفي لفظ : «فنهى» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد وابن أبي شيبة عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث جيوشه ، قال : اخرجوا بسم الله ، فقاتلوا في سبيل الله ، من كفر بالله ، ولا تغدروا ولا تغلوا ولا تمثلوا ولا تقتلوا الولدان ولا أصحاب الصوامع .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد وأبو داود والترمذي ، وقال حسن صحيح غريب عن سمرة بن جندب -رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «اقتلوا شيوخ المشركين ، واستبقوا شرخهم» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد وأبو داود والبيهقي عن صفوان بن عثمان -رضي الله تعالى عنه- قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية فقال : «سيروا بسم الله ، وفي سبيل الله ، ولا تمثلوا ولا تغدروا ، ولا تقتلوا وليدا» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد عن ثوبان -رضي الله تعالى عنه- أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في [ ص: 119 ] من قتل صغيرا أو حرق نخلا أو قطع شجرة مثمرة ، أو ذبح شاة لإهابها لم يرجع كفافا .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الشيخان عن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرق نخل بني النضير ، وقطع أشجارهم .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو داود والبيهقي عن أسامة بن زيد -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان عهد إليه قال : أغر على أبنى صباحا وحرق .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد عن كثير بن السائب -رحمه الله تعالى- قال : حدثني ابنا قريظة أنهم عرضوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن قريظة ، فمن كان منهم محتلما أو نبتت عانته قتل ، وإلا فلا .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني عن سعد بن أبي وقاص -رضي الله تعالى عنه- قال : حرق رسول الله صلى الله عليه وسلم أموال بني النضير .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد وأبو داود عن أبي ثعلبة -رضي الله تعالى عنه- قال : كان الناس إذا نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلا فعسكر ، تفرقوا عنه في الشعاب والأودية ، فقام فيهم ، فقال : إنما تفرقتم في الشعاب والأودية ، إنما ذلك من الشيطان .

                                                                                                                                                                                                                              قال : فكانوا بعد ذلك إذا نزلوا انضم بعضهم إلى بعض حتى يقال : إنك لو بسطت عليهم ثوبا لعمهم ، أو نحو ذلك .


                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو داود عن سمرة بن جندب -رضي الله تعالى عنه- قال : أما بعد ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمى خيلنا خيل الله إذا فزعنا ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا فزعنا بالجماعة ، والصبر والسكينة إذا قاتلنا .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البخاري عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعث فقال : إن وجدتم فلانا وفلانا فأحرقوهما بالنار ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أردنا الخروج : إني أمرتكم أن تحرقوا فلانا وفلانا ، وإنه لا يعذب بالنار إلا الله عز وجل .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية