الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الباب الثلاثون [في وفود جعفي إليه صلى الله عليه وسلم ]

                                                                                                                                                                                                                              قال ابن سعد رحمه الله تعالى : أخبرنا هشام بن محمد بن السائب الكلبي عن أبيه ، وعن أبي بكر بن قيس الجعفي قالا : كانت جعفي يحرمون القلب في الجاهلية فوفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلان منهم : قيس بن سلمة بن شراحيل من بني مران بن جعفي ، وسلمة بن يزيد بن مشجعة بن المجمع ، وهما أخوان لأم ، وأمهما مليكة بنت الحلو بن مالك من بني حريم بن جعفي . فأسلما . فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم : «بلغني أنكم لا تأكلون القلب» . قالا : نعم . قال : «فإنه لا يكمل إسلامكما إلا بأكله» ودعا لهما بقلب ، فشوي ، ثم ناوله سلمة بن يزيد ، فلما أخذه أرعدت يده فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : «كله» فأكله .

                                                                                                                                                                                                                              وكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم لقيس بن سلمة كتابا نسخته : «كتاب من محمد رسول الله لقيس بن سلمة بن شراحيل أني استعملتك على مران ومواليها ، وحريم ومواليها ، والكلاب ومواليها ، [من أقام الصلاة وآتى الزكاة وصدق ماله وصفاه» . قال الكلاب أود ، وزبيد] وجزء ابن سعد العشيرة ، وزيد الله بن سعد ، وعائذ الله بن سعد ، وبنو صلاة من بني الحارث بن كعب . .

                                                                                                                                                                                                                              ثم قالا : يا رسول الله إن أمنا مليكة بنت الحلو كانت تفك العافي وتطعم البائس ، وترحم المسكين ، وإنها ماتت وقد وأدت بنية لها صغيرة فما حالها ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «الوائدة والموؤدة في النار» . فقاما مغضبين . فقال : «إلي فارجعا» . فقال : «وأمي مع أمكما» .

                                                                                                                                                                                                                              فأبيا ومضيا وهما يقولان : والله إن رجلا أطعمنا القلب وزعم أن أمنا في النار لأهل ألا يتبع . وذهبا . فلما كانا ببعض الطريق لقيا رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم معه إبل من إبل الصدقة فأوثقاه وطردا الإبل . [ ص: 315 ]

                                                                                                                                                                                                                              فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فلعنهما فيمن كان يلعن في قوله : «لعن الله رعلا وذكوان وعصية ولحيان وابني مليكة بن حريم ومران »
                                                                                                                                                                                                                              .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن سعد عن أشياخ قالوا : وفد أبو سبرة وهو يزيد بن مالك بن عبد الله الجعفي على النبي صلى الله عليه وسلم ومعه ابناه سبرة وعزيز . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعزيز : «ما اسمك ؟ » قال عزيز . قال : «لا عزيز إلا الله أنت عبد الرحمن » .

                                                                                                                                                                                                                              فأسلموا . وقال أبو سبرة : يا رسول الله إن بظهر كفي سلعة قد منعتني من خطام راحلتي . فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم [بقدح ، فجعل يضرب به على السلعة ويمسحها فذهبت فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم] ولابنيه ، وقال له : يا رسول الله أقطعني وادي قومي باليمن ، وكان يقال له حردان . ففعل
                                                                                                                                                                                                                              .

                                                                                                                                                                                                                              تنبيه : في بيان غريب ما سبق :

                                                                                                                                                                                                                              قوله في هذا الخبر : «وأمي مع أمكما» ، سبق الكلام عليه في باب وفاة آمنة أم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والإسناد واه بمرة . [ ص: 316 ]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية