الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              ذكر رميه - صلى الله عليه وسلم - حصن الطائف بالمنجنيق

                                                                                                                                                                                                                              قال محمد بن عمر : قالوا : وشاور رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصحابه ، فقال له سلمان الفارسي - رضي الله عنه - : يا رسول الله أرى أن تنصب المنجنيق على حصنهم ، فإنا كنا بأرض فارس ننصب المنجنيقات على الحصون . وتنصب علينا ، فنصيب من عدونا ويصيب منا بالمنجنيق ، وإن لم يكن منجنيق طال الثواء ، فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعمل منجنيقا بيده ، فنصبه على حصن الطائف ، وهو أول منجنيق رمي به في الإسلام .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن سعد عن مكحول - رحمه الله تعالى - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نصب المنجنيق على أهل الطائف أربعين يوما ، ويقال : قدم به يزيد بن زمعة بن الأسود وبدبابتين ، ويقال :

                                                                                                                                                                                                                              الطفيل بن عمرو ، ويقال : خالد بن سعيد قدم من جرش بمنجنيق وبدبابتين ، ونثر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحسك ، شقتين من حسك من عيدان حول حصنهم ، ودخل المسلمون من تحت الدبابة ، وهي من جلود البقر . وذلك اليوم يقال له يوم الشدخة لما شدخ فيه من الناس ، ثم زحفوا بها إلى جدار الحصن ليحفروه ، فأرسلت ثقيف بسكك الحديد المحماة بالنار ، فحرقت الدبابة ، فخرج المسلمون من تحتها وقد أصيب منهم من أصيب ، فرمتهم ثقيف بالنبل ، فقتل منهم رجال فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقطع أعنابهم ونخيلهم وتحريقها ، قال عروة : أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كل رجل من المسلمين أن يقطع خمس نخلات وخمس حبلات ، فقطع المسلمون قطعا ذريعا .

                                                                                                                                                                                                                              فنادت ثقيف : لم تقطع أموالنا ؟ إما أن تأخذها إن ظهرت علينا ، وإما أن تدعها لله وللرحم فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : فإني أدعها لله وللرحم فتركها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

                                                                                                                                                                                                                              وكان رجل يقوم على الحصن فيقول : روحوا رعاء الشاء روحوا جلابيب محمد أتروننا نبتئس على أحبل أصبتموها من كرومنا ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اللهم روح مروحا إلى النار . [ ص: 386 ]

                                                                                                                                                                                                                              قال سعد بن أبي وقاص فأرميه بسهم فوقع في نحره فهوى من الحصن ميتا ، فسر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية