الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
الأصل العاشر .

أن الله تعالى عالم بعلم ، حي بحياة ، قادر بقدرة ومريد بإرادة ، ومتكلم بكلام ، وسميع بسمع ، وبصير ببصر وله هذه الأوصاف من هذه الصفات القديمة .

التالي السابق


(الأصل العاشر) : اعلم أن المتكلمين على قسمين: منهم من يثبت الأحوال، ومنهم من ينفيها، فمن يثبت الأحوال، كالقاضي والإمام والمصنف، فعبارته أن يقول: (إن الله تعالى عالم بعلم ، حي بحياة ، قادر بقدرة مريد بإرادة، ومتكلم بكلام، وسميع بسمع، وبصير ببصر) ، أي: بصفة تسمى بصرا، وإنما يعبر بهذا في [ ص: 154 ] البصر خاصا; دفعا لسبق الوهم إلى العين من إطلاق البصر، ولذا صرح غير واحد منهم من أن المعني بالسمع والبصر نفس الإدراك، لا الحاسة، فيثبتون ذاتا موجودة، وصفات موجودة، وهي نفس العلم والقدرة والإرادة، وأحوالا ثابتة للذات، باعتبار قيام هذه الصفات بها، وهو معقول الاتصاف، ويعبرون عن تلك الحال بالعالمية والقادرية، ولا يصفون هذه الحالة بالوجود، بل بمحض الثبوت، وهو معنى قول المصنف: (وله هذه الأوصاف من هذه الصفات القديمة) .

ومن ينفي الأحوال فعبارته أن يقول: عالم وله علم، قادر وله قدرة، وكذلك بقية الصفات، ونفس كونه عالما بنفس اتصافه بالعلم، وليس في المعقول موجود، ولا ثابت من خارج، سوى نفس الذات والصفات، وينفي الأحوال، فإن عبر عن الموصوف قال: ذات. وإن عبر عن المعنى قال: علم وقدرة. وإن عبر عن الذات باعتبار المعنى قال: عالم قادر. فالمعقول اثنان، والعبارات ثلاث، ونفت المعتزلة والشيعة الصفات الزائدة على الذات، وأسندت ثمرات هذه الصفات إلى الذات، ونفوا أيضا نفس المعاني، وقالوا: إن الباري تعالى حي عالم قادر لنفسه. فأثبتوا المشتق بدون المشتق منه، وبعضهم يقول: بنفسه. وامتنع بعضهم من إطلاق لنفسه أو بنفسه; لما فيه من إيهام التعليل المنافي للوجوب، ويلزمهم أن يكون ذاته علما وقدرة وحياة; لثبوت خصائص هذه الصفات لها، وثبوت الأخص يستلزم ثبوت الأعم، فيلزم أن يكون ذاته علما وقدرة وحياة، وهذه الصفات أيضا لا تقوم بنفسها، والذات قائمة بنفسها، فيلزم أن تكون قائمة بنفسها، [لا قائمة بنفسها]، وهو جمع بين النقيضين .




الخدمات العلمية