الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
وأما الآثار فقد قال سعيد بن جبير لدغتني عقرب فأقسمت علي أمي لتسترقين فناولت الراقي يدي التي لم تلدغ .

وقرأ الخواص قوله تعالى : وتوكل على الحي الذي لا يموت إلى آخرها فقال : ما ينبغي للعبد بعد هذه الآية أن يلجأ إلى أحد غير الله تعالى .

وقيل لبعض العلماء في منامه : من وثق بالله تعالى فقد أحرز قوته ، وقال بعض العلماء لا يشغلك المضمون لك من الرزق عن المفروض عليك من العمل فتضيع أمر آخرتك ولا تنال من الدنيا إلا ما قد كتب الله لك .

وقال يحيى بن معاذ في وجود العبد الرزق من غير طلب دلالة على أن الرزق مأمور بطلب العبد .

وقال إبراهيم بن أدهم سألت بعض الرهبان من أين تأكل ؟ فقال لي : ليس هذا العلم عندي ولكن سل ربي من أين يطعمني .

وقال هرم بن حيان لأويس القرني أين تأمرني أن أكون ؟ فأومأ إلى الشام قال هرم : كيف المعيشة ؟ قال أويس : أف لهذه القلوب قد خالطها الشك فما تنفعها الموعظة .

وقال بعضهم : متى رضيت بالله وكيلا وجدت إلى كل خير سبيلا ونسأل الله تعالى حسن الأدب .

التالي السابق


(وأما الآثار فقد قال سعيد بن جبير) التابعي - رحمه الله تعالى - : (لدغتني عقرب) مرة (فأقسمت علي أمي لتسترقين) وكان بارا بأمه (فناولت الراقي يدي التي لم تلدغ) ولم أناول يدي التي لدغت فرارا من الاسترقاء وبرا بقسم أمي (وقرأ) إبراهيم بن أحمد (الخواص) - رحمه الله تعالى - (قوله تعالى: وتوكل على الحي الذي لا يموت إلى آخرها فقال: ما ينبغي للعبد بعد هذه الآية) إن فهم معناها (أن يلجأ إلى أحد غير الله تعالى) نقله صاحب القوت .

(وقيل لبعض العلماء في منامه: من وثق بالله تعالى فقد أحرز قوته، وقال بعض العلماء لا يشغلك المضمون لك من الرزق عن المفروض عليك من العمل فتضيع أمر آخرتك ولا تنال من الدنيا إلا ما قد كتب الله لك) نقله صاحب القوت، وهذا هو توكل العموم (وقال يحيى بن معاذ) الرازي الزاهد - رحمه الله تعالى - (وجود العبد الرزق من غير طلب دلالة على أن الرزق مأمور بطلب العبد) نقله صاحب القوت (وقال إبراهيم بن أدهم) - رحمه الله تعالى - (سألت بعض الرهبان من أين تأكل؟ فقال: ليس هذا العلم عندي ولكن سل ربي من أين يطعمني) رواه أبو النعيم في الحلية (وقال هرم بن حيان العبدي) قال ابن عبد البر: وهو من صغار الصحابة، وفي الزهد لأحمد إنه كان يصحب حممة الدوسي وحممة مات في خلافة عثمان وفيه عن الحسين أنه لما مات دفن في يوم صائف فجاءت سحابة فرشت قبره وما حوله، وعده ابن أبي حاتم في الزهاد الثمانية من كبار التابعين، وقال ابن سعد: ثقة له فضل وكان على عبد القيس في الفتوح، وأورده أبو نعيم في الحلية، وقد تقدم (لأويس) بن عامر (القرني) - رحمه الله - تعالى [ ص: 390 ] (أين تأمروني أن أكون؟ فأومأ إلى الشام قال هرم: كيف المعيشة؟ قال أويس: أف لهذه القلوب قد خالطها الشك فما تنفعها الموعظة) .

ولفظ القوت: وقال أبو السليل قال رجل لأويس أصحبك أستأنس بك فقال سبحان الله ما ظننت أن أحدا يعرف الله يستوحش معه، فقال له الرجل: ما المعيشة فقال أويس: أف، خالط القلوب الشك فما تنفع الموعظة.

(وقال بعضهم: متى رضيت بالله وكيلا وجدت إلى كل خير سبيلا) والوكيل هو الموكل إليه الأمور كلها .




الخدمات العلمية