أَلَمْ تَرَ أَنَّ جَمْعَ الْقَوْمِ يَخْشَى وَأَنَّ حَرِيمَ وَاحِدِهِمْ مُبَاحُ
(وَأَمَّا الْعِزُّ وَالْجَاهُ فِيهِ يَدْفَعُ الْإِنْسَانَ عَنْ نَفْسِهِ الذُّلَّ وَالضَّيْمَ) وَيَتَأَبَّى عَنْ تَحَمُّلِهِمَا، وَمَنْ لَا عِزَّ لَهُ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَذُودَ عَنْ حَرِيمِهِ (وَلَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ مُسْلِمٌ فَإِنَّهُ لَا يَنْفَكُّ) فِي دَهْرِهِ (عَنْ عَدُوٍّ يُؤْذِيهِ وَ) إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَدُوٌّ فَلَا يَخْلُو عَنْ (ظَالِمٍ) غَشُومٍ (يُشَوِّشُ عَلَيْهِ عِلْمَهُ وَعَمَلَهُ وَفَرَاغَهُ وَيَشْغَلُ قَلْبَهُ. وَ) مِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ (قَلْبَهُ رَأْسُ مَالِهِ) الَّذِي يَتَّجِرُ بِهِ (وَإِنَّمَا تَنْدَفِعُ هَذِهِ الشَّوَاغِلُ بِالْعِزِّ وَالْجَاهِ وَلِذَلِكَ قِيلَ: الدِّينُ وَالسُّلْطَانُ) أَخَوَانِ (تَوْأَمَانِ) وَقَرِيبَانِ مُؤْتَلِفَانِ وَمُؤَدِّيَانِ إِلَى عِمَارَةِ الْبِلَادِ وَصَلَاحِ الْعِبَادِ وَقِيلَ أَيْضًا: الدِّينُ أُسٌّ وَالسُّلْطَانُ حَارِسٌ وَمَا لَا أُسَّ لَهُ فَمَهْدُومٌ وَمَا لَا حَارِسَ لَهُ فَضَائِعٌ، وَسَمَّى اللَّهُ تَعَالَى الْحُجَّةَ سُلْطَانًا لِقَهْرِهَا أُولِي الْبَصَائِرِ (قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=251وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَا مَعْنَى لِلْجَاهِ إِلَّا مِلْكُ الْقُلُوبِ) كَمَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ ذَمِّ الْجَاهِ، (كَمَا لَا مَعْنَى لِلْغِنَى إِلَّا مِلْكُ الدَّرَاهِمِ، وَمَنْ مَلَكَ الدَّرَاهِمَ تَسَخَّرَتْ لَهُ أَرْبَابُ الْقُلُوبِ لِدَفْعِ الْأَذَى عَنْهُ) فَإِذًا الْجَاهُ تَبَعٌ لِلْمَالِ (فَكَمَا يَحْتَاجُ الْإِنْسَانُ) فِي تَعَيُّشِهِ (إِلَى سَقْفٍ) يُظِلُّهُ مِنْ حَرِّ الشَّمْسِ وَ (يَدْفَعُ عَنْهُ الْمَطَرَ وَ) إِلَى (جُبَّةٍ وَ) هِيَ الْمُقَطَّعَةُ مِنَ الصُّوفِ (تَدْفَعُ عَنْهُ الْبَرْدَ) إِذَا لَبِسَهَا (وَكَلْبٍ يَدْفَعُ الذِّئْبَ) الْعَادِيَ (عَنْ مَاشِيَتِهِ) إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْمَوَاشِي (فَيَحْتَاجُ أَيْضًا إِلَى مَنْ يَدْفَعُ الشَّرَّ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ) وَيُحْكَى أَنَّ nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيَّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَمَّا وَدَّعَهُ nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَوْصَاهُ بِكَلِمَاتٍ مِنْهَا: وَاتَّخِذْ لِنَفْسِكَ جَاهًا لِئَلَّا تَطَأَكَ الْأَرَاذِلُ .كُنِ ابْنَ مَنْ شِئْتَ وَاكْتَسِبْ أَدَبًا يُغْنِيكَ مَحْمُودُهُ عَنِ النَّسَبِ
إِنَّ الْفَتَى مَنْ يَقُولُ هَاأَنَا ذَا لَيْسَ الْفَتَى مَنْ يَقُولُ كَانَ أَبِي
بِجِدِّ كُلِّ جِدٍّ لَا بِمَجْدٍ وَهَلْ جَدٌّ بِلَا جِدٍّ بِمَجْدِ
وَمَا يَكُ مِنْ خَيْرٍ أَتَوْهُ فَإِنَّمَا تَوَارَثَهُ آبَاءُ آبَائِهِمْ قَبْلُ
وَهَلْ يُنْبِتُ الْخَطْمِيُّ إِلَّا وَشِيجَهُ وَتُغْرَسُ إِلَّا فِي مَنَابِتِهَا النَّخْلُ
إِنَّ السَّرِيَّ إِذَا سَرَى فَبِنَفْسِهِ وَابْنُ السَّرِيِّ إِذَا سَرَى إِسْرَاهُمَا
زَانُوا قَدِيمَهُمْ بِحُسْنِ حَدِيثِهِمْ وَكَرِيمِ أَخْلَاقٍ وَحُسْنِ خِصَالِ
فَمَا الشَّرَفُ الْمَوْرُوثُ لَا دَرَّ دَرُّهُ بِمُحْتَسِبٍ إِلَّا بِآخَرَ مُكْتَسَبِ
إِذَا الْغُصْنُ لَمْ يُثْمِرْ وَإِنْ كَانَ شُعْبَةً مِنَ الْمُثْمِرَاتِ اعْتَدَّهُ النَّاسُ فِي الْحَطَبِ
أَيْنَ شَرْطُ النَّبِيِّ إِذْ قَالَ يَوْمًا اطْلُبُوا الْخَيْرَ فِي صِبَاحِ الْوُجُوهِ
قَدْ سَمِعْنَا نَبِيَّنَا قَالَ قَوْلًا هُوَ لِمَنْ يَطْلَبُ الْحَوَائِجَ رَاحَةً
اغْتَدُوا وَاطْلُبُوا الْحَوَائِجَ مِمَّنْ زَيَّنَ اللَّهُ وَجْهَهُ بِصَبَاحِهِ
دَلَّ عَلَى مَعْرُوفِهِ وَجْهُهُ يُدْرِكُ هَذَا هَادِيًا مِنْ دَلِيلِ
يَدُلُّ عَلَى مَعْرُوفِهِ حُسْنُ وَجْهِهِ وَمَا زَالَ حُسْنُ الْوَجْهِ إِحْدَى الشَّوَاهِدِ
كَانَ دَرُورَ الْقَنْطَرِيَّةِ عَلِقَتْ عَلَائِقُهَا فِيهِ بِجِذْعٍ مُقَوِّمٍ
أَشَمُّ طَوِيلُ السَّاعِدَيْنِ كَأَنَّمَا نِيَاطُ نِجَادَا سَيْفِهِ بِلِوَاءِ
فَتًى قَدْ قَدَّ السَّيْفَ لَا مُتَضَائِلَ وَلَا دَهْلٌ لَبَاتُهُ وَمَبَادِنُهُ
ألم تر أن جمع القوم يخشى وأن حريم واحدهم مباح
(وأما العز والجاه فيه يدفع الإنسان عن نفسه الذل والضيم) ويتأبى عن تحملهما، ومن لا عز له لا يمكنه أن يذود عن حريمه (ولا يستغنى عنه مسلم فإنه لا ينفك) في دهره (عن عدو يؤذيه و) إن لم يكن له عدو فلا يخلو عن (ظالم) غشوم (يشوش عليه علمه وعمله وفراغه ويشغل قلبه. و) من المعلوم أن (قلبه رأس ماله) الذي يتجر به (وإنما تندفع هذه الشواغل بالعز والجاه ولذلك قيل: الدين والسلطان) أخوان (توأمان) وقريبان مؤتلفان ومؤديان إلى عمارة البلاد وصلاح العباد وقيل أيضا: الدين أس والسلطان حارس وما لا أس له فمهدوم وما لا حارس له فضائع، وسمى الله تعالى الحجة سلطانا لقهرها أولي البصائر (قال الله تعالى: nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=251ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولا معنى للجاه إلا ملك القلوب) كما تقدم في كتاب ذم الجاه، (كما لا معنى للغنى إلا ملك الدراهم، ومن ملك الدراهم تسخرت له أرباب القلوب لدفع الأذى عنه) فإذا الجاه تبع للمال (فكما يحتاج الإنسان) في تعيشه (إلى سقف) يظله من حر الشمس و (يدفع عنه المطر و) إلى (جبة و) هي المقطعة من الصوف (تدفع عنه البرد) إذا لبسها (وكلب يدفع الذئب) العادي (عن ماشيته) إن كان من أصحاب المواشي (فيحتاج أيضا إلى من يدفع الشر به عن نفسه) ويحكى أن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله تعالى لما ودعه nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك رحمه الله تعالى أوصاه بكلمات منها: واتخذ لنفسك جاها لئلا تطأك الأراذل .كن ابن من شئت واكتسب أدبا يغنيك محموده عن النسب
إن الفتى من يقول هاأنا ذا ليس الفتى من يقول كان أبي
بجد كل جد لا بمجد وهل جد بلا جد بمجد
وما يك من خير أتوه فإنما توارثه آباء آبائهم قبل
وهل ينبت الخطمي إلا وشيجه وتغرس إلا في منابتها النخل
إن السري إذا سرى فبنفسه وابن السري إذا سرى إسراهما
زانوا قديمهم بحسن حديثهم وكريم أخلاق وحسن خصال
فما الشرف الموروث لا در دره بمحتسب إلا بآخر مكتسب
إذا الغصن لم يثمر وإن كان شعبة من المثمرات اعتده الناس في الحطب
أين شرط النبي إذ قال يوما اطلبوا الخير في صباح الوجوه
قد سمعنا نبينا قال قولا هو لمن يطلب الحوائج راحة
اغتدوا واطلبوا الحوائج ممن زين الله وجهه بصباحه
دل على معروفه وجهه يدرك هذا هاديا من دليل
يدل على معروفه حسن وجهه وما زال حسن الوجه إحدى الشواهد
كان درور القنطرية علقت علائقها فيه بجذع مقوم
أشم طويل الساعدين كأنما نياط نجادا سيفه بلواء
فتى قد قد السيف لا متضائل ولا دهل لباته ومبادنه