الآثار .
قال رضي الله عنهما : لما خلق الله جنة عدن قال لها : تزيني ، فتزينت ، ثم قال لها : أظهري أنهارك ، فأظهرت عين السلسبيل ، وعين الكافور ، وعين التسنيم ، فتفجر منها في الجنان أنهار الخمر ، وأنهار العسل واللبن ، ثم قال لها : أظهري سررك ، وحجالك وكراسيك ، وحليك وحللك ، وحور عينك ، فأظهرت ، فنظر إليها ، فقال تكلمي ، فقالت : طوبى لمن دخلني ، فقال الله تعالى : وعزتي لا أسكنك بخيلا . ابن عباس
وقالت أم البنين أخت أف للبخيل ; لو كان البخل قميصا ما لبسته ، ولو كان طريقا ما سلكته . عمر بن عبد العزيز
وقال طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه إنا لنجد بأموالنا ما يجد البخلاء لكننا ، نتصبر .
وقال كان يقال : إذا أراد الله بقوم شرا أمر الله عليهم شرارهم ، وجعل أرزاقهم بأيدي بخلائهم . محمد بن المنكدر
وقال كرم الله وجهه في خطبته : إنه سيأتي على الناس زمان عضوض يعض الموسر على ما في يده ولم يؤمر بذلك ، قال الله تعالى : علي ولا تنسوا الفضل بينكم وقال عبد الله بن عمرو ويشح بما في يده فيحبسه والبخيل هو الذي يبخل بما في يده . الشح أشد من البخل ; لأن الشحيح هو الذي يشح على ما في يد غيره حتى يأخذه ،
وقال لا أدري أيهما أبعد غورا في نار جهنم : البخل ، أو الكذب وقيل : ورد على الشعبي أنوشروان حكيم الهند ، وفيلسوف الروم فقال للهندي : تكلم ، فقال : خير الناس من ألفى سخيا ، وعند الغضب وقورا وفي القول متأنيا وفي الرفعة متواضعا ، وعلى كل ذي رحم مشفقا .
وقام الرومي ، فقال : ، ومن قل شكره لم ينل النجح وأهل الكذب مذمومون ، وأهل النميمة يموتون فقراء ، ومن لم يرحم سلط عليه من لا يرحمه . من كان بخيلا ورث عدوه ماله
وقال الضحاك في قوله تعالى : إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا ، قال : البخل ; أمسك الله تعالى أيديهم عن النفقة في سبيل الله ، فهم لا يبصرون الهدى .
وقال كعب ما من صباح إلا وقد وكل به ملكان يناديان اللهم عجل لممسك تلفا .
وعجل لمنفق ، خلفا .
وقال الأصمعي سمعت أعرابيا وقد وصف رجلا ، فقال : لقد صغر فلان في عيني لعظم الدنيا في عينه ، وكأنما يرى السائل ملك الموت إذا أتاه .
وقال أبو حنيفة رحمه الله لا أرى أن أعدل بخيلا لأن البخل ; يحمله على الاستقصاء فيأخذ فوق حقه خيفة من أن يغبن ، فمن كان هكذا لا يكون مأمون الأمانة .
وقال كرم الله وجهه : والله ما استقصى كريم قط حقه . علي
قال الله تعالى : عرف بعضه وأعرض عن بعض وقال الجاحظ ما بقي من اللذات إلا ثلاث ذم : البخلاء ، وأكل القديد ، وحك الجرب .
وقال البخيل لا غيبة له قال النبي صلى الله عليه وسلم إنك إذا لبخيل ومدحت امرأة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : صوامة قوامة إلا أن فيها بخلا ، قال : فما خيرها إذا . بشر بن الحارث
وقال بشر النظر إلى البخيل يقسي القلب ولقاء ، البخلاء كرب على قلوب المؤمنين .
وقال ما في القلب للأسخياء إلا حب ، ولو كانوا فجارا ، وللبخلاء إلا بغض ولو كانوا أبرارا . يحيى بن معاذ
وقال أبخل الناس بماله أجودهم بعرضه . ابن المعتز
ولقي يحيى بن زكريا عليهما السلام .
إبليس في صورته فقال له : يا إبليس ، أخبرني بأحب الناس إليك ، وأبغض الناس إليك قال : أحب الناس إلي المؤمن البخيل ، وأبغض الناس إلي الفاسق السخي ، قال له : لم ? قال : لأن البخيل قد كفاني بخله ، والفاسق السخي أتخوف أن يطلع الله عليه في سخائه ، فيقبله ، ثم ولى وهو يقول : لولا أنك يحيى لما أخبرتك .
حكايات البخلاء .
قيل : كان بالبصرة رجل موسر بخيل ، فدعاه بعض جيرانه ، وقدم إليه طباهجة ببيض ، فأكل منه فأكثر ، وجعل يشرب الماء ، فانتفخ بطنه ، ونزل به الكرب والموت ، فجعل يتلوى فلما جهده الأمر ، وصف حاله للطبيب ، فقال : لا بأس عليك ، تقيأ ما أكلت فقال : هاه ! أتقيأ طباهجة ببيض الموت ؟ ولا ذلك .
وقيل : أقبل أعرابي يطلب رجلا وبين يديه تين فغطى التين بكسائه فجلس الأعرابي ، فقال له الرجل : هل تحسن من القرآن شيئا ، قال : نعم فقرأ ، والزيتون ، وطور سينين ، فقال وأين التين قال : هو تحت كسائك .
ودعا بعضهم أخا له ، ولم يطعمه شيئا فحبسه إلى العصر حتى اشتد جوعه ، وأخذه مثل الجنون فأخذ صاحب البيت العود وقال له : بحياتي ، أي صوت تشتهي أن أسمعك قال : صوت المقلى .
ويحكى أن محمد بن يحيى بن خالد بن برمك كان بخيلا قبيح البخل فسئل نسيب له كان يعرفه عنه فقال ، له قائل : صف لي مائدته ، فقال : هي فتر في فتر وصحافه منقورة من حب الخشخاش قيل : فمن يحضرها ? قال : الكرام الكاتبون قال : فما يأكل معه أحد ? قال : بلى ; الذباب فقال سوأتك بدت وأنت خاص به وثوبك مخرق قال أنا : والله ما أقدر على إبرة أخيطه بها ، ولو ملك محمد بيتا من بغداد إلى النوبة مملوءا إبرا ، ثم جاءه جبريل ، وميكائيل ، ومعهما يعقوب النبي عليه السلام يطلبون منه إبرة ويسألونه إعارتهم : إياها ليخيط بها قميص يوسف الذي قد من دبر ما فعل ويقال : كان مروان بن أبي حفصة لا يأكل اللحم بخلا حتى يقرم إليه فإذا قرم إليه أرسل غلامه فاشترى له رأسا فأكله ، فقيل له : نراك لا تأكل إلا الرءوس في الصيف ، والشتاء ، فلم تختار ذلك قال : نعم الرأس ! أعرف سعره فآمن ، خيانة الغلام ولا يستطيع أن يغبنني فيه ، وليس بلحم يطبخه الغلام ، فيقدر أن يأكل منه إن مس عينا ، أو أذنا ، أو خدا ، وقفت على ذلك وآكل منه ألوانا : عينه لونا وأذنه ، لونا ، ولسانه لونا ، وغلصمته لونا ، ودماغه لونا وأكفى مؤنة طبخه ، فقد اجتمعت لي فيه مرافق .
وخرج يوما يريد الخليفة المهدي فقالت له امرأة من أهله مالي : عليك إن رجعت بالجائزة ? فقال : إن أعطيت مائة ألف أعطيتك درهما ، فأعطي ستين ألفا فأعطاها أربعة دوانق .
واشترى مرة لحما بدرهم فدعاه صديق له فرد اللحم إلى القصاب بنقصان دانق ، وقال : أكره الإسراف .
وكان للأعمش جار ، وكان لا يزال يعرض عليه المنزل ويقول : لو دخلت فأكلت كسرة وملحا ، فيأبى عليه فعرض عليه ذات يوم فوافق جوع الأعمش ، فقال : سر بنا ، فدخل منزله ، فقرب إليه كسرة ، وملحا فجاء سائل ، فقال له رب المنزل : بورك فيك ، فأعاد عليه المسألة ، فقال له : بورك فيك ، فلما سأل الثالثة قال له اذهب والله وإلا خرجت إليك بالعصا ، قال : فناداه الأعمش ، وقال : اذهب ويحك ، فلا والله ما رأيت أحدا أصدق مواعيد منه هو ; منذ مدة يدعوني على كسرة وملح فوالله ، ما زادني عليهما . الأعمش