وهما حادثان ، . وما لا يخلو عن الحوادث فهو حادث
ففي هذا البرهان ثلاث دعاوى .
الأولى قولنا إن : الأجسام لا تخلو عن الحركة والسكون ، وهذه مدركة بالبديهة والاضطرار ، فلا يحتاج فيها إلى تأمل وافتكار ، فإن من عقل جسما لا ساكنا ولا متحركا كان لمتن الجهل راكبا وعن نهج العقل ناكبا .
الثانية : قولنا : إنهما حادثان ويدل على ذلك تعاقبهما ووجود البعض منهما بعد البعض وذلك مشاهد في جميع الأجسام ما شوهد منها ، وما لم يشاهد فما من ساكن إلا والعقل قاض بجواز حركته وما من متحرك إلا والعقل قاض بجواز سكونه فالطارئ ، منهما حادث لطريانه ، والسابق حادث لعدمه لأنه لو ثبت قدمه لاستحال عدمه على ما سيأتي بيانه وبرهانه في إثبات بقاء الصانع تعالى وتقدس .
الثالثة قولنا : ما يخلو عن الحوادث فهو حادث ، وبرهانه أنه لو لم يكن كذلك لكان قبل كل حادث حوادث لا أول لها ولو لم تنقض تلك الحوادث بجملتها لا تنتهي النوبة إلى وجود الحادث الحاضر في الحال وانقضاء ما لا نهاية له محال .