وقال بعض السلف في ود الشيطان أن يلقى على أخيكم مثل هذا حتى تهجروه وتقطعوه ، فماذا اتقيتم من محبة عدوكم . ستر زلات الإخوان
؟! وهذا لأن التفريق بين الأحباب من محاب الشيطان كما أن مقارفة العصيان من محابه فإذا حصل للشيطان أحد غرضيه فلا ينبغي أن يضاف إليه الثاني وإلى هذا أشار عليه السلام في الذي شتم الرجل الذي أتى فاحشة إذ قال مه وزبره وقال : لا تكونوا عونا للشيطان على أخيكم .
فبهذا كله يتبين الفرق بين الدوام والابتداء ؛ لأن مخالطة الفساق محذورة ، ومفارقة الأحباب والإخوان أيضا محذورة ، وليس من سلم عن معارضة غيره كالذي لم يسلم ، وفي الابتداء قد سلم فرأينا أن المهاجرة والتباعد هو الأولى ، وفي الدوام تعارضا ، فكان الوفاء بحق الأخوة أولى ، هذا كله في زلته في دينه .
أما زلته في حقه بما يوجب إيحاشه فلا خلاف في أن الأولى العفو والاحتمال بل كل ما يحتمل تنزيله على وجه حسن ويتصور تمهيد عذر فيه قريب أو بعيد فهو واجب بحق الأخوة ، فقد قيل : ينبغي أن تستنبط لزلة أخيك سبعين عذرا ، فإن لم يقبله قلبك فرد اللوم على نفسك فتقول ، لقلبك : ما أقساك ! يعتذر إليك أخوك سبعين عذرا فلا تقبله ، فأنت المعيب لا أخوك ! .