الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
فهذا ينبهك على استشعار خطر بعض العلوم ويفهمك معنى قوله صلى الله عليه وسلم نعوذ بالله من علم لا ينفع فاعتبر بهذه الحكاية ولا تكن بحاثا عن علوم ذمها الشرع وزجر عنها ولازم الاقتداء بالصحابة رضي الله عنهم واقتصر على اتباع السنة فالسلامة في الاتباع والخطر في البحث عن الأشياء والاستقلال ولا تكثر اللجج برأيك ومعقولك ودليلك وبرهانك وزعمك أني أبحث عن الأشياء لأعرفها على ما هي عليه فأي ضرر في التفكر في العلم فإن ما يعود عليك من ضرره أكثر ، وكم من شيء تطلع عليه فيضرك اطلاعك عليه ضررا يكاد يهلكك في الآخرة إن لم يتداركك الله برحمته .

التالي السابق


(فهذا) الذي ذكرنا لك (ينبهك على استشعار خطر بعض العلوم ويفهمك معنى قوله -صلى الله عليه وسلم- نعوذ بالله من علم لا ينفع) أخرجه ابن عبد البر من حديث جابر بسند حسن وهو عند ابن ماجه بلفظ: تعوذوا بالله كما تقدم، قاله العراقي:، وفي القوت: والخبر المشهور قوله -صلى الله عليه وسلم- أعوذ بك من علم لا ينفع. فسماه علما إذ له معلوم وإذ أصحابه علماء ثم رفع المنفعة عنه، استعاذ بالله -عز وجل-. اهـ .

وفي الباب عن زيد بن أرقم وأبي هريرة وعبد الله بن عمر وأنس وابن مسعود وابن عباس، وقد تقدم في أحاديث الخطبة (فاعتبر بهذه الحكاية) التي أسلفناها لك (ولا تكن بحاثا) كثير البحث والتنقير ( عن علوم ذمها الشرع وزجر عنها) وفي بعض النسخ وازدجر عنها (ولازم الاقتداء) الاتباع (بالصحابة) في أقوالهم وأفعالهم وأحوالهم (واقتصر على اتباع السنة) الشريعة مع التجنب عن البدع الحادثة (فالسلامة) كل السلامة (الاتباع والخطر) كل الخطر (في البحث) عن العلوم الغريبة (والاشتعال) بما لا يعني وفي نسخة: والاستقلال، ولقد سمعت غير واحد من الشيوخ يقول: خير الدنيا والآخرة في ثلاث كلمات: اتبع ولا تبتدع اتضع ولا ترتفع اعتقد ولا تنتقد (ولا تكثر التبجح) أي: التعظم والافتخار (برأيك ومعقولك ودليلك وبرهانك وزعمك) في نفسك (أني [ ص: 228 ] أبحث عن الأشياء) والعلوم (لأعرفها على ما هي عليه) وفي نسخة: عليها أي: أحق المعرفة بالغوص في مشكلاتها (فأي ضرر) يرى (في التفكر في العلم) والبحث عنه (فإن) أي: فاعلم أن (ما يعود عليك من ضرره) آخرا (أكثر، وكم من شيء تطلع عليه فيضرك اطلاعك عليه شررا يكاد) أن (يهلكك في الآخرة إن لم يتداركك الله تعالى برحمته) وعظيم عفوه .




الخدمات العلمية