الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
ولا يكلف إيصال الغبار إلى ما تحت الشعور خفت أو كثفت ويجتهد أن يستوعب بشرة وجهه بالغبار ويحصل ذلك بالضربة الواحدة فإن عرض الوجه لا يزيد على عرض الكفين ويكفي في الاستيعاب غالب الظن ثم ينزع خاتمه ويضرب ضربة ثانية يفرج فيها بين أصابعه .

التالي السابق


ثم أشار المصنف إلى الركن الخامس من أركان التيمم السبعة بقوله : (ولا يتكلف إيصال الغبار إلى ما تحت الشعور ) ، أي : منابتها ؛ إذ لا يلزمه ذلك (خف) ذلك (أو كثف) عاما كان أو نادرا كلحية المرأة وذلك لعسر إيصال الغبار إليها وهل يجب مسح ظاهر المسترسل من اللحية الخارج عن حد الوجه فيه قولان ، كما في الوضوء (و) ، لكن (يجتهد أن يستوعب بشرة وجهه بالغبار) خلافا لأبي حنيفة حيث قال : يجوز أن يترك من ظاهر الوجه دون الربع حكاه الصيدلاني الشافعي ، وعن الحسن بن زياد عن أبي حنيفة أنه إذا مسح أكثر وجهه أجزأه قلت : الرواية المذكورة عن الحسن بن زياد نصها يكفي مسح أكثر الوجه واليدين إقامة مقام الكل دفعا للحرج وصححت وعلى هذه لا يجب تخليل الأصابع ونزع الخاتم والسوار قال شمس الأئمة الحلواني : ينبغي أن تحفظ هذه الرواية جدا لكثرة البلوى فيه ، كما في فتاوى التاتارخانية وظاهر الرواية المفتى به استيعاب المحل بالمسح على الصحيح إلحاقا له بأصله لعدم جواز مخالفته له مهما أمكن فيلزمه نزع خاتمه وتخليل أصابعه ومسح ما تحت حاجبيه ، وهو ما فوق عينيه وجميع ظاهر بشرة الوجه والشعر على الصحيح وما بين العذار والأذن والله أعلم (ويحصل ذلك بالضربة الواحدة) خلافا لمن قال : لا يتأتى بها ، ثم علله بقوله : (فإن عرض الوجه لا يزيد على عرض الكفين) في الغالب ، فإذا فعل ما ذكرنا فقد حصل المسح (ويكفي في الاستيعاب غالب الظن) دفعا للوسوسة وغلبة الظن معتبرة في الأحكام الشرعية (ثم ينزع) الرجل (خاتمه) إن كان ضيقا أو واسعا ، وكذا المرأة تنزع سوارها (ويضرب ضربة ثانية يفرج فيها بين أصابعه) بخلاف الأولى قال الرافعي : وهل يفرق أصابعه في الضربتين أم في الثانية نعم ، وأما في الأولى فقد روى المزني التفريق أيضا ، واختلف الأصحاب فغلطه قوم منهم القفال وقالوا : لا يفرق في الضربة الأولى ؛ لأنها لمسح [ ص: 393 ] الوجه ولا يمسح الوجه بما بين الأصابع وما لم يمسح الوجه لا يدخل وقت مسح اليدين حتى يقدر الاحتساب به عن اليدين فلا فائدة في التفريق ، أما في الضربة الثانية فقد دخل وقت مسح اليدين فتفرق حتى يستغني عن إيصال التراب إليها على الكف وصوبه آخرون فقالوا : فائدته زائدة تأثير الضرب في إثارة الغبار لاختلاف موقع الأصابع إذا كانت مفرقة ، وهذا أصح ، ثم القائلون بالأول اختلفوا في أنه هل يجوز أن يفرق في الضربة الأولى فقال الأكثرون نعم ؛ إذ ليس فيه إلا حصول تراب غير مستعمل بين أصابعه ، فإن لم يفرق في الضربة الثانية كفاه ذلك التراب لهما ، وإن فرقه حصل فوقه تراب آخر غير مستعمل بين أصابعه فيقع المجموع عن الفرض ، وقال الأقلون منهم القفال : لا يجوز ذلك ولا يصح تيممه لو فعل ؛ لأن فرض ما بين الأصابع لا يتأدى بالضربة الأولى لوجوب الترتيب وحصول ذلك الغبار يمنع وصول الثاني ولصوقه بالمحل ومن قال بالأول قال : الغبار الأول لا يمنع وصول الثاني ولا يمنع الوصول المعتبر ، ثم إذا فرق في الضربتين وجوزنا ذلك أو فرق في الضربة الثانية وحدها فيستحب تخليل الأصابع بعد مسح اليدين احتياطا ولو لم يفرق فيهما أو فرق في الأولى وحدها وجب التخليل آخرا لأن ما وصل إليه قبل مسح الوجه غير معتد به ، ثم يمسح بعد ذلك إحدى الراحتين بالأخرى ، وهو واجب أو مستحب فيه قولان والقدر الواجب إيصال التراب إلى الوجه واليدين كيفما كان ولا يشترط أن يكون المسح باليد ، بل لو مسح وجهه بخرقة أو خشبة عليها غبار جاز ولا يشترط الإمرار على أصح الوجهين ولا أن لا يرفع عن العضو الممسوح حتى يستوعبه في أصح الوجهين ، ثم قول المصنف ، ثم ينزع خاتمه فيه إشعار بأنه لا ينزعه في الأولى ، وهكذا هو في الوجيز ونصه فيضرب ضربة واحدة لوجهه ولا ينزع خاتمه ولا يفرج أصابعه على أنه يوجد في بعض نسخ الوجيز وينزع خاتمه ولا يفرج أصابعه فعلى الأول المراد أنه لا يجب نزع الخاتم ؛ لأن المقصود من الضربة الأولى مسح الوجه دون اليدين وغايته مسح بعض الوجه بما على الخاتم وليس المراد أنه لا يجوز النزع ، فإنه لا صائر إليه ولا وجه له ، بل يستحب النزع ليكون مسح جميع الوجه باليد اتباعا للسنة ، وقال النووي في الروضة قلت : وأما الضربة الثانية فيجب نزعه فيها ولا يكفي تحريكه بخلاف الوضوء ؛ لأن التراب لا يدخل تحته ذكره صاحب العدة وغيره .




الخدمات العلمية