فصل [في تزويج الوصي عبيده وإجبارهم]
وللوصي أن يزوج عبيد من في ولايته وإماءهم، يزوج بعضهم من بعض ومن الأجنبيين.
وللسيد إجبار عبده وأمته على النكاح ما لم يقصد بذلك الضرر فيمنع.
قال في "كتاب مالك محمد ": مثل الجارية المرتفعة لها الحال يزوجها من [ ص: 1809 ] عبد له أسود، وعلى غير وجه الصلاح- فهذا لا يجوز وهو ضرر. قال: وليس ينظر إلى الوغد في المنظرة فرب وغد له المخبرة. وإنما يرد من ذلك ما كان على وجه الضرر .
وليس للسيد إجبار من أعتق بعضه من عبد أو أمة.
واختلف: هل له أن يجبر من فيه عقد حرية من تدبير أو كتابة أو عتق إلى أجل؟ على أربعة أقوال:
فقيل: له إجبارهم; لأنهم الآن على الرق ولم يصيروا إلى حرية بعد.
وقيل: ليس له إجبارهم للشبهة التي لهم من الحرية بالعقد الذي عقد لهم.
وقيل: ذلك له في كل من له أن ينتزع ماله دون من ليس له أن ينتزع ماله، فيمنع من إجبار المكاتب والمكاتبة ومن إجبار أم الولد والمدبر والمدبرة إذا مرض السيد، ومن إجبار المعتق والمعتقة إلى أجل إذا قرب الأجل; لأنه إذا لم يملك أن ينتزع ماله فأحرى أن لا يعقد عليه فيما يتعلق بالجسم لا بالمال.
وقيل: له إجبار الذكران دون الإناث; لأن الذكران بأيديهم الطلاق فيحلوا عن أنفسهم إذا صاروا إلى العتق ما عقد عليهم.
وأصوب من ذلك أن يمنع من إجبار المكاتب والمكاتبة; لأنهما اشتريا أنفسهما من السيد، وليس له عليهما اليوم مطالبة إلا بمال إلا أن يعجزوا، ولا يمنع من إجبار المدبر والمعتق إلى أجل; لأنهما اليوم على حال الرق، وهو يدخل عليهما بذلك منفعة من غير مضرة. [ ص: 1810 ]
والطلاق بأيديهما إذا صارا إلى الحرية، إلا أن يمرض السيد، أو يفوت الأجل; فيمنع من ذلك لأنهما أشرفا على العتق، أو يجعل عليهما من الصداق ما يضر بهما في المطالبة به بعد العتق.
ويمنع من جبر الإناث كأم الولد والمدبرة والمعتقة إلى أجل; لأن حق السيد إنما هو ما لم يصر إلى الحرية، ولا حق له فيما بعد العتق; فليس له أن يبيع منافع ليس له فيها حق، وعقد النكاح عليهن بيع منه لما يكون من الاستمتاع الآن وما يكون بعد العتق، والذي بعد العتق لا حق له فيه.
وليس لهن حل ذلك العقد إذا صرن إلى الحرية، وقد يستخف ذلك إذا زوجهن لعبد; لأن إليهن حل ذلك بعد تمام العتق فيخترن أنفسهن; لما جاء في حديث بريرة، على أنه قد يقع العتق من سيد العبد فيسقط الخيار. [ ص: 1811 ]