فصل [فيمن حلف ألا يكلم فلانا أياما أو شهورا أو سنين]
ومن أجزأه من كل صنف سماه ثلاثة من صنف ذلك العدد; ثلاثة أيام أو ثلاثة أشهر أو ثلاث سنين، إلا أن يريد التطويل من كل شيء سماه، فلا يجزئه إلا ما يرى أن فيه تطويلا. حلف ألا أكلم فلانا أياما أو شهورا أو سنين;
واختلف إذا أتى بذلك على وجه التعريف، فقال: لا أكلمك الأيام أو الشهور أو السنين; فقيل : إن قال لا أكلمك الشهور تجزئه سنة، لقوله تعالى: إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا [التوبة: 36]. وقيل: لا يكلمه الأبد. وإن حلف لا يكلمه الأيام; لم يكلمه الأبد، لقول الله تعالى: بما [ ص: 1728 ] أسلفتم في الأيام الخالية [الحاقة: 24] ، وعلى القول في الحالف على الشهور تجزئه شهور السنة يجزئ الحالف على الأيام أيام الجمعة السبعة. وإن قال: لا أكلمه السنين; لم يكلمه الأبد. وإن قال: لا كلمتك حينا أو الحين; لم يكلمه سنة.
والحين يقع على الوقت يقل ويكثر، قال الله تبارك تعالى: فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون [الروم: 17] ، فهذا وقت الصلاة. وقال الله تعالى: تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها [إبراهيم: 25] ، وقال تعالى: هل أتى على الإنسان حين من الدهر [الإنسان: 1] ، وقال تعالى: ومتعناهم إلى حين [يونس 98]. قيل: إلى يوم القيامة.
ومن قال: لا كلمتك إلى حين، فأتى به على لفظ التكره، فإنما يريد وقتا فيه طول، فإذا وقف عن كلامه مدة فيها طول; أجزأه. وإن كانت دون سنة. وإذا قال: دهرا أو زمانا أو عصرا; لم يكلمه سنة.
واختلف إذا عرف، فقال: الدهر أو الزمان أو العصر، فقيل: تجزئه سنة كالأول.
وقال الأكثر في الزمان والدهر: مدة الدنيا. يريد: الأكثر من القول. الداودي:
وقال في كتاب مالك في الدهر: أكثر من سنة. قيل ابن حبيب : فسنتان؟ قال: قريب، وما أوقت فيه وقتا . لمطرف
وعند في العصر: بقاء الدنيا، واحتج بقول الله تعالى: ابن شعبان
[ ص: 1729 ] والعصر [العصر: 1].
وكذلك أرى في الدهر، وأما الزمان; ففيه إشكال.
وقال في العتبية، فيمن حلف لا يفعل شيئا في هذه السنة، وقد مضى نصفها ، قال: يأتنف اثني عشر شهرا من يوم حلف، إلا أن تكون له نية في بقيتها وفيه نظر; لأن قوله هذه يقتضي عين تلك السنة، إلا أن يكون الباقي يسيرا، فيكون دليلا على أن المراد سنة مؤتنفة. [ ص: 1730 ] مالك