فصل [واختلف في الكفارة على من أفطر مكرها]
واختلف في فقال الكفارة على من أفطر مكرها، مالك وابن القاسم إذا أكره زوجته عليه أن يكفر عنها، وقال وأشهب: لا كفارة عليه عنها; لأنها لم تجب عليها، وليس كالحج; لأن الحج عمده وخطؤه وإكراهه سواء. سحنون:
وقال في كتاب مالك فيمن أكره رجلا على الشرب: عليه [ ص: 797 ] الكفارة، وقال فيمن جامع زوجته وهي نائمة: عليها القضاء، ولم يجعل في ذلك كفارة، خلاف الأولى; لأنها حينئذ غير مخاطبة، وقال ابن حبيب لا قضاء عليها. الشافعي:
وقول أن لا كفارة على المرأة إذا أكرهت بالوطء، ولا على من أكره بالشرب - أحسن; لأن المكره أعذر من الناسي، فإذا لم يكن على الناسي في ذلك كفارة كان المكره أبين ألا كفارة عليه. سحنون:
ويكفر المكره عن نفسه وعن اجترائه على انتهاك صوم غيره; لأن الإطعام والعتق إنما هو كفارة عما أتى من الذنب في إفساد الصوم، ولا فرق بين أن يفسد صوم نفسه أو صوم غيره، فعليه أن يأتي بالكفارة ليسقط عن نفسه ما أتى من ذلك، فيصح أن يكفر بالصوم، وإن كفر بالعتق كان الولاء له، فإن أكره غيره على الشرب أتى بكفارة واحدة، وإن أكره زوجته على الوطء أتى بكفارتين; لأنه أفسد صومه وصومها.
وقد تأول بعض أهل العلم قول في الكفارة في الإكراه على الوطء على قوله في كتاب ابن حبيب في لزوم الكفارة إذا وطئ ناسيا. ويقوي ذلك ما في الزاهي: إذا أكره العبد زوجته، أنها جناية في رقبته، فجعل الكفارة عليها، [ ص: 798 ] ولها أن ترجع على المكره بما لزمه، وهذا ينتقض بقوله في الكفارة: على من أكره غيره على الشرب; لأنه لا خلاف أن لا كفارة على من أكل أو شرب ناسيا، وإذا لم تكن على الناسي كفارة مع أن معه شبهة من التفريط لم يكن على المكره. وذهب مالك إلى أن الكفارة عليه عنها، فإن كان معسرا كفرت عن نفسها ورجعت عليه. [ ص: 799 ] ابن شعبان