باب في صوم الأسير
وإذا تلبست على الأسير الشهور ولم يعلم شهر صومه، فإن ترجح عنده أنه شهر بعينه صامه، وإن لم يترجح عنده شيء وتساوى الشك، ولم يغلب على ظنه أنه شهر من تلك الشهور كان فيه قولان: هل يصوم شهرا، أي ذلك أحب، أو يصوم سنة كلها؟ قياسا على من نذر صوم يوم من الجمعة يصومه أبدا ثم نسيه، ولم يغلب على ظنه يوم من أيام الجمعة فاختلف فيه، هل يصوم يوما؟ أو يصوم الدهر كله؟
واختلف أيضا فيمن فقيل: يصلي صلاة واحدة إلى أي جهة أحب، وقال تلبست عليه القبلة لغيم أو غيره ولم تترجح عنده ناحية، ابن عبد الحكم: القياس أن يصلي إلى الجهات الأربع، وعلى هذا يصوم السنة كلها، فأوجب في القول الأول أن يصوم أي أيام الجمعة أحب، قياسا على القبلة إذا عميت الدلائل؛ لأنه يتحرى جهة يصلي إليها، ولا يترك الصلاة لأجل عدم معرفتها، ومنع من ذلك في القول الثاني قياسا على صيام أول يوم منه عند الشك، ولا فرق بين أن يشك في أول يوم منه أو في جميعه، ولأن التحري إنما يؤمر به في موضع يشك هل هو في شعبان أو في رمضان؟ وما أشبه ذلك.
وإن كان على يقين أن الشهر الذي هو فيه ليس برجب ولا شوال لصام [ ص: 770 ] شهرين، الشهر الذي هو فيه، لإمكان أن يكون هو رمضان، والذي يليه؛ لإمكان أن يكون الأول شعبان.
وإن كان يشك في الشهر الذي هو فيه هل هو رمضان أو شوال؟ صام الذي هو فيه لا أكثر من ذلك، فإن كان رمضان فقد صامه، وإن كان شوالا كان قضاء.
فإن كان يشك هل هو شعبان، أو رمضان، أو شوال؟ صام شهرين الذي أهل عليه، والذي يليه، فإن كان الذي أهل عليه رمضان كان قد صامه، وإن كان شعبان كان الذي يليه رمضان، وإن كان الأول شوالا كان له قضاء، وكان قد استظهر بالثاني.