فصل [الشهادة على الإقرار بالزنا إذا رجع المقر]
وأما إذا رجع ولم يأت بعذر، على القول [ ص: 5424 ] بحده وما ذكر معه فقيل: يقبل في ذلك شهادة رجلين، ويحد المقر المشهود عليه. وقيل: لا يقبل في ذلك إلا أربعة. قال الشهادة على الإقرار بالزنا محمد: إن شهد شاهدان على كتاب القاضي بالزنا، يقام الحد على المشهود عليه، إذا ثبت عند الأول بأربعة. وفي كتاب ابن سحنون: لا يقام الحد إلا أن يشهد أربعة على كتاب القاضي. وقال محمد - فيمن قذف رجلا وأقام شاهدين، أن فلانا الوالي ضربه الحد بشهادة أربعة- قال: يحد القاذف والشاهدان، إلا أن يقيم أربعة على فعل القاضي، قال: وهو قول قال مالك، قال الله تعالى: مالك: وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين [النور: 2] يريد أنه يشهد بحده أربعة، فلا يسقط عن القاذف الحد إلا بأربعة على حد القاضي.
وقال في كتاب ابن حبيب: يحد القاذف ولا يحد الشاهدان، قال: لأنهما لم يشهدا على رؤية، وإنما شهدا على فعل غيرهما.
وقال لا حد على القاذف; لأنه خرج مما قال: فلا يحد القاذف ولا الشاهدان. قال أبو مصعب: وكذلك لو أقام القاذف أربعة، [ ص: 5425 ] شهدوا أن سيده إذ باعه تبرأ من زناه، قال: ولو شهد أقل من أربعة لم أر على الشهود حد الفرية; لأنهم لم يشهدوا على رؤية، وإنما مخرج شهادتهم على وجه الشهادة. عبد الملك:
يريد أن الحد على القاذف دون البينة، إذا كانوا أقل من أربعة، وأرى أن يقام الحد بشاهدين في الإقرار، وفي كتاب محمد القاضي، وإنما يكون الأربعة في المعاينة حسبما ورد القرآن، فإن لم تكن معاينة جرت الشهادة على الأصل في الإقرار، فيحد المقر إذا لم يأت بعذر، ولا يحد القاذف إذا أتى بشاهدين على الإقرار أو على حد القاضي.
واختلف إذا شهد شاهدان على الزوج بطلاق الثلاث، وأنكر الزوج الطلاق واعترف بالوطء، أو شهد على السيد بعتق أمته، فأنكر واعترف بالوطء، هل يحد؟ أو شهد شاهدان بالغصب لهذه الأمة، فاعترف بالوطء وأنكر الغصب، هل يحد الواطئ؟ لأن الشهادة ليست على معاينة الوطء فأشبهت الإقرار، فعلى القول أن الحد يقام على المقر بشاهدين يحد هؤلاء، [ ص: 5426 ] وعلى القول الآخر لا يحدون إلا أن يشهد أربعة على الأصل.
وقال -في كتاب محمد-: لا يقام الحد على السيد؛ لإمكان أن يكون نسي العتق، وإن شهد أربعة بالطلاق وهو مقر بالوطء حد. أشهب
وروى علي بن زياد عن فيمن شهد عليه أربعة بطلاق البتة، وأنهم رأوه يزني بها بعد ذلك، أو كان مقرا بالمسيس-: يفرق بينهما ولا حد عليه. قال مالك، وأصحابنا يأبون هذه الرواية، ويرون عليه الحد. ومحمل قول سحنون: على مثل ما في كتاب محمد، أنه يحتمل أن يكون نسي، والنسيان يحسن إذا كان الطلاق والعتق بيمين فيحنث. وأما إذا كان ابتداء بغير يمين فليس يحمل فيه أحد على النسيان. مالك
واختلف إذا أنكر العتق والطلاق والإصابة، فشهد عليه شاهدان بجميع ذلك. فقال -في كتاب محمد فيمن عبد الملك لم تجز الشهادة، قال: لأني إن أجزتها أوجبت عليه الحد، شهد عليه شاهدان، بطلاق امرأته البتة وأنه زنى بها بعد ذلك، أو أنه أعتق أمته ثم زنى بها-: لا تجوز في طلاق ولا عتق، فصارت المرأة زوجة على حالها والأمة رقيقا، ولأن من [ ص: 5427 ] قذف رجلا بامرأته أو أمته، فقال: زنيت كان كاذبا ولم يكن قاذفا، قال وشهادة المحدود محمد: وفيه اختلاف; لأن من قول إن شهادة القاذف جائزة حتى يقام عليه الحد. يريد أنه يقضى عليه بالطلاق والعتق، ثم يكون النظر في القذف، فقد يوجب عليهما الحد أو يسقط؛ لإقرار الآخرين أن الزوجة والملك باق على حاله. ابن القاسم:
وقال -في العتبية-: لا تجوز شهادتهما ويحدان. قال أصبغ محمد: ولو قال الزوج طلقت وما أصبت، وقال السيد أعتقت وما أصبت، حد الشاهدان.