الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب في مال القراض يضيع قبل العمل أو بعده، وإذا تعدى العامل على بعض القراض فأكله أو تجر فيه لنفسه

                                                                                                                                                                                        قال: وإذا اشترى العامل متاعا على القراض بمائة، فضاع المال قبل دفعه، كان رب المال بالخيار بين: أن يخلفه ويكون المتاع على القراض، ويكون قراض هذه المائة، أو لا يخلف ويكون المتاع للعامل، له ربحه وعليه خسارته.

                                                                                                                                                                                        وقال المغيرة: يجبر رب المال على أن يخلفه. وقد مضى ذلك في "كتاب الوكالات" فإن ضاعت خمسون كان صاحب المال بالخيار بين: أن يخلفها ويكون رأس مال القراض مائة وخمسين، أو لا يخلفها ويغرم ذلك العامل، ويكون شريكا فيها بالنصف.

                                                                                                                                                                                        وإذا أخلفها صاحب المال ثم بيع المتاع بمائة وخمسين، وكان قراضهما على النصف، كان للعامل اثني عشر ونصف; لأن نصف السلعة على القراض الأول، ورأس ماله مائة، فلا شيء للعامل فيه، ونصف على القراض الثاني ورأس ماله خمسون، وله نصف ربحها، ولا يجبر الأول بربح الثاني؛ ولهذا جاز أن يدفع الخمسين وهي قراض ثان بعد أن شغل الأول; لأن الأول معلوم، ولا [ ص: 5255 ] تجبر خسارته بالثاني، فإن لم يكن يخلفها رب المال، كان العامل شريكا بالنصف، فما بيعت به من شيء كان له نصفه، ولا ربح له فيما ينوب القراض، إلا أن يبيع بأكثر من المائتين، ولصاحب المال أن يخلف خمسة وعشرين ويكون المتاع بينهما على أربعة أجزاء: ربع للعامل، وربع لصاحب المال على القراض الثاني رأس ماله خمسة وعشرون، ونصف على القراض الأول، فإن بيع المتاع بمائتين كان للعامل اثنان وستون ونصف; خمسون عن نصيبه منها وهو الربع، واثنا عشر ونصف نصيبه من الربح عن الربع الآخر، ولا شيء له في النصف; لأن ربحه جبر الوضيعة التي كانت، فإن قدر بعد ذلك على الغاصب للخمسين كانت هي الربح، واقتسماها نصفين.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية