الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل فيما إذا اشترى العامل بجميع مال القراض، ثم اكترى لنفسه وأنفق واكتسى من ماله

                                                                                                                                                                                        وإذا اشترى العامل بجميع مال القراض، ثم اكترى لنفسه وأنفق واكتسى من ماله، كان له ذلك من مال القراض. وإن هلك لم يكن له على رب المال شيء، وإن سلمه أخذه من مال القراض، ولم يكن شريكا به، إلا أن تكون تلك نيته قبل أن يشتري أن يكون شريكا بذلك القدر، ثم أرى إن قدم القراض بالشراء وجعل ماله في تلك المؤن، فيكون شريكا في الربح والخسارة بذلك القدر.

                                                                                                                                                                                        وإن اشترى متاعا ثم قصره أو صبغه كان في ذلك على ثلاثة أوجه: إما أن يشتريه ليعمل فيه مثل ذلك وليكون شريكا به، أو ليدفع ذلك رب المال من عنده، أو فعل ذلك لما بارت عليه.

                                                                                                                                                                                        فإن كانت تلك نيته قبل الشراء كان شريكا بقدر ما [ ص: 5253 ] أنفق في القصارة أو الطراز وغيره، ويفض الربح والخسارة على مثل ذلك، وإن اشترى ليكون ذلك على القراض ليدفعه صاحب المال من عنده جاز ذلك، وكان صاحب المال بالخيار بين: أن يدفع ذلك ويكون على مثل القراض الأول، أو يبرأ منه ويدفع ذلك العامل من عنده ويكون شريكا به، وإن كانت نيته أن يبيعه من غير قصارة فلما بار عليه قصره- كان متعديا، وكان صاحب المال عند ابن القاسم بالخيار بين: أن يدفع إلى العامل قيمة ذلك العمل إلا أن يكون الثمن الذي استأجر به أقل، فيدفع الثمن، ويكون صاحب المال شريكا بقيمة ذلك العمل، ولا يكون العمل على القراض; لأنه شغل الأول، وتولى رب المال من البيع والاقتضاء بقدر ما شارك به من الصنعة، فإذا نض أخذ ذلك، ولا يتمادى في العمل بالقراض ما شارك به من الصنعة ويتمادى العامل وحده برأس المال الأول.

                                                                                                                                                                                        وإن كره صاحب المال أن يدفع ذلك من عنده وأراد أن يضمن الصانع قيمة ذلك القراض يوم عمله، كان ذلك له.

                                                                                                                                                                                        وقال غيره: هو بالخيار بين أن يدفع ذلك إلى العامل، ويكون شريكا به، أو يضمن العامل، أو يكون العامل شريكا في المال بقدر ذلك، وهو أقيس; لأنه يقول: لا أشتري تلك الصنعة ولا أبيع، وإنما لك شيء تكون به شريكا. [ ص: 5254 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية