باب في الجعل على الخصومة وعلى اقتضاء الديون
اختلف عن في مالك فروى الجعل على الخصومة، عنه أنه كرهه. وقال ابن القاسم وقد روي عنه أنه أجازه. والمعروف من قولهم في هذا الأصل المنع، وأن الجعل إنما يجوز فيما قل ولم يشغل العامل، وإن ترك قبل التمام لم ينتفع الجاعل. سحنون:
وفي الجعل على الخصومة وجهان:
أحدهما: أنه يطول ويشغل العامل ولا يدري متى تنقضي الخصومة، وإن ترك قبل التمام وبعد إقامة البينات أو إنفاد الحجج انتفع الموكل.
ويختلف إذا وكل آخر فأتم الخصومة هل يكون للأول بقدر ما انتفع الطالب من عمله؟ وقال في "كتاب محمد": إذا كان الجعل ثلث ما يقتضي من الدين ثم صالح بعد ذلك الطالب المطلوب على أن أخذ ثلثي الحق وأخر ثلثه، وأراد الأجير أن يأخذ ثلث ما أخذ ويكون على شرطه في الباقي. فقال [ ص: 5024 ] مالك هو الذي اقتضى حين جاءك به فصالحته؟ قال: نعم. قال مالك: أرى ذلك له كما قال الأجير. قال مالك: محمد: ولو قال الأجير: لا أجيز تأخير الحق كان ذلك له أن يقتضيه جميع ما بقي، حتى يأخذ ثلثه إلا أن يرضى منه، وهو مثل ما لو أسقط صاحب الحق حقه كله.
وأرى أن يكون الجواب مثل ذلك إذا كان الصلح بعد أن خاصم، وإن لم يكن ذلك الطلب سببا للصلح; لأنه بعد أن شرع في الخصومة ليس له أن يعزله عنها، فإن رضي الطالب بأن يدخل معه الوكيل بجزء له فيما تعجل ويكون على حقه في المتأخر وإلا رد الصلح، وكان للوكيل أن يخاصم حتى يثبت الحق أو يسقط الأول، إلا أن يرى أنه لا يقدر على إثباته فلا يرد; لأن نقض ذلك الصلح ضرر على الطالب من غير منفعة للمجعول له.
تم كتاب الجعل والإجارة
بحمد الله وعونه