فصل [في ولاء العبد إذا أعتق]
وهي أن يكون العبد ملكا للمعتق، وأعتقه عن نفسه لا عن غيره، وأن يكون المعتق حرا كامل الحرية ليس بمدبر ولا مكاتب ولا معتق إلى أجل، ولا معتق بعضه، ويتساوى في الدين -السيد والعبد- فيكونا مسلمين أو نصرانيين، فإن انخرم شيء من هذه الشروط سقط أن يكون الولاء للمعتق، وقد يثبت تارة على اختلاف فيه. والولاء لمن أعتق بخمس شروط:
وإن كان وكيلا على العتق كان الولاء للسيد دون من يتولى العتق وهو الوكيل، ومن اشترى رقبة من زكاته فأعتقها كان الولاء لجميع المسلمين دونه؛ لأن الرقبة والثمن الذي اشتريت به ليس بملك له، وإنما هو وكيل.
واختلف أو قال: أنت حر عنهم، فقال ذلك جائز، والولاء للمسلمين. إذا أعتق عبده عن غيره، فقال: أنت سائبة، وهو يريد بذلك العتق عن المسلمين
وقال لا يعتق أحد سائبة؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مالك: [ ص: 4098 ] نهى عن بيع الولاء وعن هبته.
وقال لا يعتق؛ للحديث، فإن فعل كان الولاء لهم. ابن القاسم:
وقال ابن نافع وابن الماجشون: دون المسلمين. الولاء للمعتق
وعلى هذا يجري الجواب إذا أعتق رجل عبده عن رجل بعينه -حي أو ميت- فيجوز على أحد الأقوال، ويكره على قول مالك وابن القاسم في السائبة، فإن فعل مضى، وكان الولاء للمعتق عنه، ويمنع على قول مطرف فإن فعل كان الولاء للسيد دون المعتق عنه. وابن الماجشون،
فحمل الحديث في القول الأول: أن ذلك إذا أعتق عن نفسه، فإن أعتق عن غيره كان كالوكيل، ويؤيد ذلك ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أجاز الصوم والحج عن غيره، وحمله في القول الآخر على العموم، أعتق عن نفسه أو عن غيره، وفارق الوكيل؛ لأن الوكيل غير مالك [ ص: 4099 ] وهذا مالك، ولم يمكن المعتق عنه من ملكه، ولو أراد ذلك المعتق عنه لم يعطه إياه، إلا أن يمكنه منه ثم يأمره الموهوب له أن يعتقها عنه، والقول أن الولاء يكون للمعتق عنه أبين، وقد نحر النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أزواجه البقر بغير أمرهن. "الولاء لمن أعتق"
ومن وقوله: "عن فلان" باطل، وإن قال: أنت حر عني وولاؤك لفلان، أو قال: أنت حر -ولم يقل: عني- كان الولاء له، كان الولاء لفلان، وقوله: "وولاؤك لي" باطل. قال: "أنت حر عن فلان وولاؤك لي"