باب في عتق أحد المكاتبين
وإذا فإنه لا يخلو العبدان من أن يكونا قويين على السعاية أو زمنين، أو أحدهما قوي والآخر زمن، أو كبير وصغير، فإن كانا قويين على السعاية لم يصح عتق السيد لأحدهما إلا برضا صاحبه؛ لأن كل واحد منهما حميل بما على الآخر، فلو أجزنا عتق السيد بغير رضاه لأسقط حق الآخر في الحمالة، فإن رضي وكان المعتق أدناهما في السعاية، جاز، ويسقط عن الباقي ما ينوب المعتق. كاتب السيد عبدين كتابة واحدة ثم أعتق أحدهما
واختلف فأجاز ذلك إذا كان المعتق أقواهما أو كانا متساويين، إذا كان لا يخاف على الباقي العجز عند عتق صاحبه، ومنعه غيره وإن كان قبل الباقي من القوة مثل ما قبل المعتق، قال: لأنا لا ندري ما يصير إليه حال الباقي من الضعف. وقول ابن القاسم أحسن: إلا أن يكون هناك دليل لضعف هذا أو قوة هذا الآخر، ومنعا ذلك إذا كان المعتق أقواهما لأن ذلك داعية إلى رق الباقي، وهو بمنزلة من رضي بالعجز، وله مال ظاهر. ابن القاسم
وقد اختلف قول في ذلك، فإن رضي وأوقع السيد العتق [ ص: 3985 ] على ذلك كان ذلك فوتا، ولم يرد على قوله الآخر، وإن كانا زمنين، جاز عتق من أعتق منهما دون الآخر، وإن كانا قويا وزمنا، فإن أعتق الزمن ولا مال له مضى عتقه. مالك
وإن كره صاحبه ولم يحط عنه لأجله شيء، وإن أعتق القوي ورضي بذلك الزمن كانت المسألة على القولين: هل يمضي أو يرد على القول الآخر.
وإن كان كبيرا أو صغيرا فأعتق الصغير وكان لا ترجى سعايته قبل انقضاء أمد الكتابة مضى عتقه، وإن كره صاحبه، ولا يحط لأجله شيء، وإن كان يبلغ السعي قبل انقضاء الكتابة، وكان ممن عقدت عليه لم يعتق إلا برضى من معه، ويحط ما ينوبه.
وإن ولد بعد العقد وبلغ السعي أو صار له مال لم يعتق إلا برضى من معه؛ لأن ماله قوة لهم إن احتيج إليه، ولا يحط لأجله شيء؛ لأنه لم يكن عليه منها في حين العقد شيء، وإن أعتق الأب قبل أن يبلغ الولد السعي، لم يجز عتقه؛ لأن عتق الأب يرق الابن إلا أن يكون عتقه بعد أن نزل به ما منعه السعي زمانة أو غيرها، فيصح عتق الأب، ويرق الابن إذا لم يكن في يد الأب [ ص: 3986 ] مال، أو كان له من المال ما لا يوفي بالنجوم إلى أن يبلغ الابن السعي، فإن كان له من المال ما يوفي بتلك النجوم إلى أن يبلغ السعي أديت عنه.
واختلف هل يقبضها السيد الآن أو توقف. [ ص: 3987 ]