الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب في عتق المديان

                                                                                                                                                                                        ومن أعتق وعليه دين يغترق قيمة المعتق رد عتقه ، فإن كان الدين يغترق بعضهم رد بقدر الدين ، وإن كان المعتق عبدا واحدا قيمته مائة والدين ثمانون بيع أربعة أخماسه إلا أن يعيبه العتق فلا يشترى منه شيء بثمانين على أن فيه جزء العتق فيباع جميعه ، ويستحب أن يجعل الفاضل في عتق ، وإن كانوا عددا من العبيد ، والعتق في الصحة بيع للدين بالحصص; لأن مقال العبيد في العتق ، وفيمن يباع للدين سواء فلم يكن لأحدهم مقال في العتق دون أصحابه إلا أن يكون متى بيع بالحصص لا يفضل للعتق شيء لعيب العتق فيرجع إلى القرعة فيمن يباع للدين ويعتق الباقي ، وإن كان العتق في المرض بتلا أو وصية لبعد الموت كان البيع للدين حسبما كان العتق في المرض إذا ضاق الثلث ، ولم يجز الورثة ، فهو بعد الموت قرعة ، وكذلك يباع للغرماء بالقرعة لا يتغير الحكم ثم يعتق بعد قضاء الدين بالقرعة . وعتق البتل مختلف فيه ، فمن قال فيه بالقرعة مع الورثة بيع للغرماء بالقرعة ، ومن قال بالحصاص بيع لهم حصاص; لأن الذي لهم عين فلا مقال لهم في قبضه من أحدهم دون الآخر [ ص: 3775 ] وللعبيد مع الورثة مقال لا يغيره قيام الغرماء ، وإذا كان الحكم القرعة فوقع البيع على عبد وبعض آخر ، لم يبع ذلك البعض حتى يقرع على بقيته ، فإن خرج للعتق بيع على أن بقيته حر ، وإن خرج للورثة بيع على ذلك ، وإنما لم يجز البيع قبل القرعة على بقيته للغرر; لأن العتق عيب ، فإن اشترى المشتري قبل العلم هل بقيته حر أو رقيق؟ كان فاسدا .

                                                                                                                                                                                        وإذا كان الدين يغترق ما في يديه فلم يرد العتق حتى أفاد بقدر الدين ، مضى العتق ، فإن تلفت الفائدة بعد ذلك أو أنفقها لم يرد العتق ، ولو كان في يديه خمسون ثم أفاد خمسين ثم ذهب الذي أفاد ، وذهبت الخمسون الأولى ، وذهب جميع ذلك ، لمضى العتق .

                                                                                                                                                                                        وفي كتاب محمد : إذا ذهب ما في يديه وهي الخمسون ، ثم أفاد خمسين بعد ذهابها أن العتق ماض . وليس بالبين; لأن الدين مائة ، وليس يختص بها الخمسين التي كانت عاجزة .

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا رد العتق بحكم ثم أفاد مالا قبل البيع أو بعده ، فقال مالك : إذا أفاد قبل البيع أو بعد بيع السلطان وقبل إنفاذه كانوا أحرارا; لأن بيعه بالخيار ثلاثة أيام . وقال ابن نافع في كتاب ابن سحنون : لا أعرف هذا والذي لم أزل أعرف ؛ إن رده السلطان رد ، وإن لم يبعه في الدين فلا يعتق بعد ذلك ، وإن أفاد مالا الآن . [ ص: 3776 ]

                                                                                                                                                                                        وفي مختصر الوقار : إن أفاد بقرب رد الحاكم عتقوا ، وإن طال ذلك الزمان كانوا رقيقا .

                                                                                                                                                                                        وفي كتاب محمد : إذا أفاد بعد إنفاذ السلطان بالقرب رد البيع ، وقول ابن نافع أقيسها; لأن العتق رد من أصله بحق تقدمه فلا يعتق إلا بعتق محدث .

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية