وعن -رضي الله عنه-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: أنس «منهومان لا يشبعان» أي: حريصان لا يشبع بطنهما من شدة الشره والحرص، منهوم في العلم؛ أي: أحدهما الحريص في طلب علم الدين، لا علم الدنيا، وهو علم القرآن والحديث، لا يشبع منه، بل كلما يزيد في كسبه، زاد تعطشه.
شربت العلم كأسا بعد كأس فما نفد الشراب ولا رويت
ومن هنا قيل: «زمن العلم من المهد إلى اللحد» رب زدني علما، وعلمني ما ينفعني في الدنيا والآخرة.
ومنهوم في الدنيا لا يشبع منها؛ أي: هالك في جمعها، حريص على طلبها، لا يشبع بطنه منها، وإن ظفر بنقيرها وقطميرها. رواه في «شعب الإيمان». البيهقي
ومقابلة طالب العلم بطالب الدنيا تقتضي أن طلب المال يخالف طلب الكمال، وأنهما شيئان مفترقان.
ويزيده إيضاحا حديث عون، عن موقوفا: منهومان لا يشبعان: صاحب العلم، وصاحب الدنيا، ولا يستويان؛ أي: في القدر والرتبة، وحسن العاقبة وقبحها. ابن مسعود
أما صاحب العلم، فيزداد رضا الرحمن؛ يعني: يطلب العلم النافع، ومن زاد زاد الله في حسناته.
«وأما صاحب الدنيا، فيتمادى في الطغيان -أي: في الإثم والعصيان والعدوان- ثم قرأ عبد الله هذه الآية: كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى [العلق: 6-7].
قال: قال في الآخر: إنما يخشى الله من عباده العلماء [فاطر: 28]. رواه الدارمي.
[ ص: 217 ] أخبر -رضي الله عنه- عن حال صاحبي العلم والمال مستدلا بالقرآن عليهما.
وفضل العالم على المتمول؛ لأن العلم يدعو إلى رضا الرب، والمال يجر إلى سخطه:
علم داد ندبادريس وبقارون زروسيم شديكي فوق سماك ودكري تحت سمك