الأحاديث الواردة في فضل العلم وعظيم ثواب طلبه
وعن -رضي الله عنها- قالت: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إن عائشة الله عز وجل أوحى إلي أنه من سلك مسلكا في طلب العلم سهلت له طريق الجنة».
فيه فضيلة لطالب علم الدين، لا علم المبتدعين والمشركين، وبشارة له وأي بشارة لمن يطلب ذلك.
المراد بالكريمة هنا: العين، وهو في الأصل: كل عضو شريف. وكانت الجنة جزاءه؛ لشدة المكاره للأعمى، وكثرة المشاق والمحن والتكاليف الظاهرة والباطنة له عند فقدها. «ومن سلبت كريمتيه أثبته عليهما الجنة»
«وفضل في علم خير من فضل في عبادة» أي: الزيادة في علم الكتاب والسنة، وإن كانت قليلة، فهي خير من الزيادة في العبادات، وإن كانت كبيرة؛ لأن الأول متعد نفعه إلى الغير، والآخر لازم له خاصة. وخير الناس من ينفع الناس.
[ ص: 215 ] وفيه وليس المراد ترك العبادة بأسرها، بل المقصود: أن الفضل في العالم بعد العمل بالفرائض والواجبات، وترك الكبائر والذنوب الموبقات أكثر من الفضل في العبادات النافلات، والطاعات التطوعات. فضيلة العالم على العابد،
فمن جاء بهذه على القدر المفروض، وزاد في العلم، هو خير ممن زاد في النوافل غير العلم. اللهم كما رزقتنا علما ذا فضل، فارزقنا عملا على موجبه.
«وملاك الدين الورع» أي: قوام بيوتات الدين ونظامها، وسبب استحكامها وقوتها، هو الورع والتقوى.
وعند البعض: الورع أعلى رتبة من التقوى؛ لأن التقوى اجتناب عن الحرام، والورع احتراز عن الشبهة.
وفي اصطلاح بعضهم: التقوى أكمل وأقوى من الورع، وأتم منه.
قال في الترجمة: والصحيح: أنهما بمعنى واحد. انتهى. رواه في شعب الإيمان». البيهقي
ويؤيده حديث موقوفا، قال: ابن عباس رواه تدارس العلم ساعة من الليل خير من إحيائها. الدارمي.
فقال في الترجمة: معناه أن ليلة العيد [إذا] لم يقم فيها، ولم يصل فيها، كانت كالميت، فإذا عمرها بالطاعة والعبادة، فكأنه أحياها.
والمراد: إحياء نفسه؛ لأن من نام في ليله كله، وبقي معطلا مغفلا عن الطاعة، فهو في حكم الموتى. انتهى، والأول أولى وأظهر.