بيان حكم السحر والساحر
وما ورد في ذلك من زواجر النصوص
وعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وثناه بالشرك كما في «الصحيحين». انتهى ما في «فتح البيان». السحر من الكبائر،
وقد عرفت بهذا أن وأن حكم الساحر حكم المشرك المرتد، وتعلمه وتعليمه كبيرة من الكبائر، يبلغ به صاحبه إلى حد الكفر، ويخرج عن الإسلام. السحر نوع من أنواع الإشراك،
وعن ابن مسعود: «من أتى كاهنا أو ساحرا، أو صدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم».
أخرجه بإسناد صحيح، والحاكم وصححه. البزار
[ ص: 310 ] وأخرج عن البزار قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: عمران بن حصين، «من تطير أو تطير له، أو تكهن أو تكهن له، أو سحر أو سحر له، ومن عقد عقدة، ومن أتى كاهنا، فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم».
وفي قوله سبحانه: وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر أبلغ إنذار، وأعظم تحذير؛ أي: إن هذا ذنب، يكون من فعله كافرا، فلا تكفر.
وفيه دليل على أن وظاهره عدم الفرق بين المعتقد وغير المعتقد، وبين من تعلمه ليكون ساحرا، ومن تعلمه ليقدر على دفعه، وبه قال أحمد، إلى قوله تعالى: تعلم السحر كفر، وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله .
فيه: فإذا لم يرد الله تعالى تأثيره، لا يضر المسحور، وإذا شاء، ضره. أن السحر لا يؤثر في أحد بذاته، بل إنما يظهر أثره بإذنه تعالى وإرادته ومشيئته،
وحينئذ ولا يصدقه في شيء من فعله وقوله، بل يفوض أمره إلى الله، ويتوكل عليه حق التوكل، ويتعوذ بما أرشده إليه سبحانه في كتابه، وهو سورتا المعوذتين. شأن الموحد ألا يتعلم السحر، ولا يعلمه، ولا يأتي ساحرا،
ومن خالف هذا، فقد صار من أهل الشرك، وعليه ما عليهم، وحكمه حكمهم، نعوذ بالله من غضب الله.
قال أهل العلم في قوله تعالى: يؤمنون بالجبت والطاغوت [النساء: 51]: أي: السحر.
قال -رضي الله عنه-: الجبت: السحر، والطاغوت: الشيطان. رواه عمر بن الخطاب وغيره. ابن أبي حاتم
وعن -رضي الله عنه-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: أبي هريرة رواه «اجتنبوا السبع الموبقات»، فقالوا: يا رسول الله! وما هن؟ قال: «الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات» البخاري، ومسلم.
و«الموبقات» -بالباء الموحدة- معناها: المهلكات، وسميت بها؛ لأنها [ ص: 311 ] تهلك فاعلها في الدنيا بما يترتب عليها من العقوبات، وفي الآخرة من العذاب.
والمراد بالشرك بالله: هو أن يجعل لله ندا يدعوه كما يدعو الله، ويرجوه كما يرجو الله، ويخافه كما يخاف الله.
وبدأ به؛ لأنه أعظم ذنب عصي الله به كما في «الصحيحين» عن ابن مسعود: الحديث. سألت النبي -صلى الله عليه وسلم-: أي الذنب أعظم عند الله؟ قال: «أن تجعل لله ندا وهو خلقك»
وأخرج بسنده، عن الترمذي صفوان بن عسال، وحسنه، قال:
وفيه: فسألاه عن تسع آيات بينات، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا تشركوا بالله شيئا، ولا تسحروا» إلخ. «قال يهودي لصاحبه: اذهب بنا إلى هذا النبي، فقال له صاحبه: لا تقل: نبي» الحديث.
قال في «فتح المجيد»: وفي «صحيح البخاري» عن بجالة بن عبدة، قال: كتب أن: اقتلوا كل ساحر وساحرة، فقتلنا ثلاث سواحر، قال: ظاهره أن يقتل من غير استتابة، وهو كذلك على المشهور عن عمر بن الخطاب، وبه قال أحمد، لأن مالك؛ علم السحر لا يزول بالتوبة.
وعن يستتاب، فإن تاب، قبلت توبته، وبه قال أحمد: لأن ذنبه لا يزيد على الشرك، والمشرك يستتاب، وتقبل توبته؛ ولذلك صح إيمان سحرة فرعون وتوبتهم. الشافعي؛
وصح عن أنها أمرت بقتل جارية لها سحرتها، فقتلت، رواه حفصة: في الموطأ. مالك
هي أم المؤمنين زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- ماتت في سنة 45 هـ. وحفصة
وفي «تاريخ البخاري» عن قال: كان عند أبي عثمان النهدي، الوليد رجل يلعب، فذبح إنسانا، وأبان رأسه، فعجبنا، فأعاد رأسه، فجاء جندب الأزدي، فقتله.
ورواه في «الدلائل» مطولا، وله طرق كثيرة. البيهقي
[ ص: 312 ]