[ ص: 429 ] بسم الله الرحمن الرحيم
والسماء ذات البروج
412 - قوله تعالى :
قتل أصحاب الأخدود
11773 - أخبرنا ، حدثنا أحمد بن سليمان ، حدثنا عفان بن مسلم ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن ثابت البناني ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " صهيب ، وكان بين الساحر وبين الملك راهب ، فأتى الغلام الراهب ، فسمع كلامه ، فأعجبه نحوه وكلامه ، فكان إذا أتى على الساحر ضربه ، وقال : ما حبسك ؟ فإذا أتى أهله جلس عند الراهب ، فيبطئ فإذا أتى أهله ضربوه وقالوا : ما حبسك ؟ فشكى ذلك إلى الراهب ، فقال : إذا أراد الساحر أن يضربك فقل : حبسني أهلي ، وإذا أراد أهلك أن يضربوك فقل : حبسني الساحر . كان ملك ممن كان قبلكم ، وكان له ساحر ، فلما كبر الساحر ، قال للملك : إني قد كبرت سني ، وحضر أجلي ، فادفع إلي غلاما فلأعلمه السحر ، فدفع إليه غلاما ، وكان يعلمه السحر
فبينما هو كذلك ، إذ أتى يوما على دابة فظيعة عظيمة ، قد حبست الناس ، فلا يستطيعون أن يجوزوا ، فقال : اليوم أعلم ، أمر الراهب أحب إلى الله أم أمر الساحر ؟ وأخذ حجرا ، وقال : اللهم إن كان أمر الراهب أحب [ ص: 430 ] إليك وأرضى لك من أمر الساحر ، فاقتل هذه الدابة ، حتى يجوز الناس ، فرماها ، فقتلها ، ومضى الناس ، فأخبروا الراهب بذلك ، فقال : أي بني ، أنت أفضل مني ، وإنك ستبتلى ، فإن ابتليت فلا تدل علي ، وكان الغلام يبرئ الأكمه والأبرص وسائر الأدواء ويشفيهم .
وكان جليس للملك فعمي ، فسمع به ، فأتاه بهدايا كثيرة ، فقال : اشفني ، ولك ما هاهنا أجمع ، فقال : ما أشفي أنا أحدا ، إنما يشفي الله عز وجل ، فإن آمنت بالله دعوت الله فشفاك ، فآمن ، فدعا الله عز وجل له فشفاه ، ثم أتى الملك ، فجلس منه نحو ما كان يجلس ، فقال له الملك : يا فلان ، من رد عليك بصرك ؟ قال : ربي ، قال : أنا ؟ قال : لا ، ولكن ربي وربك الله ، قال : ولك رب غيري ؟ قال : نعم ، فلم يزل يعذبه حتى دل على الغلام ، فبعث إليه ، فقال : أي بني ، قد بلغ من سحرك أنك تبرئ الأكمه والأبرص وهذه الأدواء ؟ فقال : ما أشفي أنا أحدا ، ما يشفي غير الله ، قال : أنا ؟ قال : لا ، قال : وإن لك ربا غيري ؟ قال : نعم ، ربي وربك الله ، قال : فأخذه أيضا بالعذاب ، فلم يزل به حتى دل على الراهب ، فأتي الراهب ، فقيل : ارجع عن دينك ، فأبى ، فوضع المنشار على مفرق رأسه ، حتى وقع شقاه إلى الأرض ، فقال للأعمى : ارجع عن دينك ، فأبى ، فوضع المنشار على مفرق رأسه حتى وقع شقاه إلى الأرض ، فقال للغلام : ارجع عن دينك ، فأبى ، فبعث معه نفرا إلى جبل كذا وكذا ، وقال : إذا بلغتم ذروته ، فإن رجع عن دينه ، [ ص: 431 ] وإلا فدهدهوه من فوقه ، فذهبوا به ، فلما علوا به الجبل ، قال : اللهم اكفنيهم بما شئت ، فرجف الجبل ، فتدهدهوا أجمعون ، وجاء الغلام حتى دخل على الملك ، فقال : ما فعل أصحابك ؟ قال : كفانيهم الله جل وعز ، فبعث معه نفرا في قرقورة ، وقال : إذا لججتم معه في البحر ، فإن رجع عن دينه ، وإلا فغرقوه - قال : بعض حروف " غرقوه " سقط من كتابه - فلججوا به في البحر ، فقال الغلام : اللهم اكفنيهم بما شئت ، فغرقوا أجمعون ، وجاء الغلام حتى دخل على الملك ، فقال : ما فعل أصحابك ؟ قال : كفانيهم الله جل وعز . أبو عبد الرحمن
ثم قال للملك : إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك ، فإن أنت فعلت ما آمرك به قتلتني ، قال : وما هو ؟ قال : تجمع الناس في صعيد ، ثم تصلبني على جذع ، فتأخذ سهما من كنانتي ، ثم تقول : باسم رب الغلام ، فإنك إن فعلت ذلك قتلتني ، ففعل ، فوضع السهم في كبد قوسه ، ثم رمى ، وقال : باسم رب الغلام ، فوقع السهم في صدغه ، فوضع الغلام يده على موضع السهم ، ومات رحمه الله ، فقال الناس : آمنا برب الغلام ، فقيل للملك : أرأيت ما كنت تحذر ، فقد والله نزل بك ، قد آمن الناس كلهم ، فأمر بأفواه السكك فخدت فيها الأخدود ، وأضرمت فيها النيران ، وقال : من يرجع عن [ ص: 432 ] دينه فدعوه ، وإلا فأقحموه فيها ، وكانوا يتنازعون ويتدافعون ، فجاءت امرأة بابن لها ترضعه ، فكأنها تقاعست أن تقع في النيران ، فقال الصبي : اصبري فإنك على الحق .