الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      التفسير :

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر قال عروة بن الزبير : هم بنو النضير ، صالحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجلاء ، فخرجوا بكل شيء إلا السلاح .

                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن عباس في قوله : لأول الحشر : هم أول من حشر من أهل الكتاب ، وأخرج من داره .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : إنهم أخرجوا إلى خيبر ، وإن معنى لأول الحشر : إخراجهم من حصونهم إلى خيبر ، و (آخره) : إخراج عمر رضي الله عنه إياهم من خيبر إلى نجد وأذرعات .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : إن آخر الحشر : حشرهم يوم القيامة .

                                                                                                                                                                                                                                      قال عكرمة : إن شككتم أن الشام أرض المحشر؛ فاقرؤوا : لأول الحشر .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 373 ] قتادة : تأتي نار ، فتحشر الناس من المشرق إلى المغرب ، وكذلك قال الحسن : {الحشر} : يوم القيامة .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : ما ظننتم أن يخرجوا أي : لشدتهم ، واجتماع كلمتهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا أي : من حيث لم يظنوا ، وقيل : من حيث لم يعلموا .

                                                                                                                                                                                                                                      أبو صالح : أتاهم من حيث لم يحتسبوا بقتل ابن الأشرف .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين : قال قتادة : كان المؤمنون يخربون من خارج؛ ليدخلوا ، واليهود يخربون من داخل؛ ليبنوا به ما خرب من حصونهم .

                                                                                                                                                                                                                                      الزهري ، وابن زيد : يعني : تخريبهم خشب البيوت؛ ليحملوها معهم؛ إذ صولحوا على ما حملت إبلهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : فاعتبروا يا أولي الأبصار : يجوز أن تكون أبصار العيون ، ويجوز أن تكون أبصار القلوب .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء لعذبهم في الدنيا أي : بالقتل والسباء .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب أي : أنكم لم تلقوا في غنائم بني النضير حربا ولا مؤونة ، إنما غنمتموه بغير إيجاف خيل ولا إبل ، وقيل : يعني : أموال بني قريظة .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 374 ] يقال : أوجف الفرس؛ إذا أسرع ، وأوجفته؛ إذا حركته .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم أي : كي لا يكون الفيء دولة ، ومن قرأ : {تكون} بالتاء؛ أراد : الغنيمة؛ والمعنى : فعلنا ذلك في هذا الفيء؛ كي لا يقسمه الأغنياء بينهم ويتداولوه دون من ذكر الله عز وجل .

                                                                                                                                                                                                                                      و (الدولة) ؛ بالضم : نقل النعمة من قوم إلى قوم ، وهي بالفتح : المرة من الاستيلاء والغلبة .

                                                                                                                                                                                                                                      الكسائي : (الدولة) ؛ بالضم : مثل العارية ، وبالفتح : من (دال عليهم الدهر دولة) ، و (دالت الحرب بهم) .

                                                                                                                                                                                                                                      عيسى بن عمر : يكونان جميعا في الحرب والمال .

                                                                                                                                                                                                                                      أبو عمرو بن العلاء : (الدولة) ؛ بالفتح : الظفر ، وبالضم : ما يتداوله الناس بينهم .

                                                                                                                                                                                                                                      أبو الفتح : منهم من يفصل بينهما ، فيقول : (الدولة) ؛ بالفتح : في الملك ، [ ص: 375 ] وبالضم؛ في الملك ، ومنهم من لا يفصل .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الآية :

                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن عباس : هم عبد الله بن أبي وأصحابه؛ يعني : أنهم قالوا ذلك لقريظة [والنضير .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : هو قول بني النضير لقريظة] .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : لئن أخرجوا لا يخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم ولئن نصروهم ليولن الأدبار : قيل : معناه : لا ينصرونهم طائعين ، ولئن نصروهم مكرهين؛ ليولن الأدبار .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : معنى لا ينصرونهم : لا يدومون على نصرهم ، هذا على أن الضميرين متفقان .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : إنهما مختلفان؛ والمعنى : لئن أخرج اليهود؛ لا يخرج معهم المنافقون ، ولئن قوتلوا؛ لا ينصرونهم ، ولئن نصروهم؛ أي : لئن نصر اليهود المنافقين؛ ليولن الأدبار .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : إنما قال : ولئن نصروهم ؛ على أنه أخبر عما قد أخبر أنه لا يكون؛ كيف كان يكون لو كان؟

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : معنى ولئن نصروهم : ولئن شئنا أن ينصرونهم ، وزينا ذلك لهم؛ [ ص: 376 ] ليولن الأدبار .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : لأنتم أشد رهبة في صدورهم من الله يعني : صدور بني النضير .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : ذلك بأنهم قوم لا يفقهون أي : لا يفقهون قدر عظمة الله وقدرته .

                                                                                                                                                                                                                                      [ بأسهم بينهم شديد يعني : عداوة بعضهم لبعض] .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية