الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      التفسير :

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم : قال مجاهد : هم أهل مكة ، والذين آمنوا وعملوا الصالحات : الأنصار ، وقيل : هما عامتان ، ومعنى أضل أعمالهم : أبطلها .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : وأصلح بالهم أي : شأنهم ، عن مجاهد وغيره ، و (البال ) : كالمصدر ، ولا يعرف منه فعل ، ولا تجمعه العرب إلا في ضرورة الشعر ، فيقولون فيه : (بالات ) .

                                                                                                                                                                                                                                      المبرد : قد يكون (البال ) في موضع آخر بمعنى : القلب ، يقال : (ما يخطر هذا على بالي ) ؛ أي : على قلبي .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 151 ] وقوله : ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل : [أي : الأمر ذلك ، أو ذلك الإضلال والهدى المتقدم ذكرهما من أجل أن الذين كفروا اتبعوا الباطل ] ، وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم .

                                                                                                                                                                                                                                      كذلك يضرب الله للناس أمثالهم أي : كالبيان المذكور يبين الله للناس أمر الحسنات والسيئات .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب : خص {الرقاب} بالذكر ؛ لأن القتل أكثر ما يكون فيها .

                                                                                                                                                                                                                                      حتى إذا أثخنتموهم أي : أكثرتم القتل .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم أي : ذلك الذي أمركم به هو الحق ، ولو يشاء الله لانتصر من الكفار بعقوبة ينزلها بهم ، ولكنه أراد أن يختبركم ، فيعلم المطيع من العاصي العلم الذي يقع به الثواب والعقاب .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم : قيل : يعني به : أهل أحد .

                                                                                                                                                                                                                                      {سيهديهم} أي : إلى ما ينتفعون به في دنياهم وأخراهم .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ : {قتلوا} ؛ فمعناه : سيهديهم إلى الجنة ، أو سيهدي من بقي منهم .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 152 ] ومعنى عرفها لهم : عرفهم مساكنها ، وبيوتها ، وطرقها .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : المعنى طيبها لهم ، ومنه : (طعام معرف ) ؛ أي : مطيب .

                                                                                                                                                                                                                                      [وقيل : المعنى : رفعها لهم ، مأخوذ من (العرف ) ] .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : المعنى : عرف المطيعين أنها لهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : فتعسا لهم : قال ثعلب : (التعس ) : الشر ، وقيل : هو البعد .

                                                                                                                                                                                                                                      ابن السكيت : (التعس ) : أن يخر على وجهه ، و (النكس ) : أن يخر على رأسه ، قال : و (التعس ) أيضا : الهلاك .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : وللكافرين أمثالها أي : أمثال هذه [الفعلة ؛ يعني ] : التدمير .

                                                                                                                                                                                                                                      الزجاج ، والطبري : الهاء تعود على (العاقبة ) ؛ أي : وللكافرين من قريش أمثال عاقبة تكذيب الأمم السالفة .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا الآية : {مولى} : الناصر ههنا ، قاله ابن [ ص: 153 ] عباس وغيره .

                                                                                                                                                                                                                                      قتادة : نزلت يوم أحد ، والنبي صلى الله عليه وسلم في الشعب ، إذ صاح المشركون : يوم بيوم ، لنا العزى ، ولا عزى لكم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «قولوا لهم : الله مولانا ، ولا مولى لكم » ، وقد تقدم ذكر ذلك في (آل عمران ) [139 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك الآية : قال قتادة : يعني : أهل مكة .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : أفمن كان على بينة من ربه يعني : النبي صلى الله عليه وسلم ، كمن زين له سوء عمله يعني : الكفار .

                                                                                                                                                                                                                                      وتقدم القول في : مثل الجنة .

                                                                                                                                                                                                                                      فيها أنهار من ماء غير آسن أي : غير متغير الرائحة ، يقال : أسن الماء يأسن ، فهو أسن ، وآسن ؛ إذا تغير ريحه .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : وأنهار من لبن لم يتغير طعمه أي : لم يحمض بطول المقام .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : كمن هو خالد في النار أي : أفمن يخلد في هذا النعيم كمن يخلد في النار ؟

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية