الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : ومنهم من يستمع إليك حتى إذا خرجوا من عندك قالوا للذين أوتوا العلم ماذا قال آنفا [ ص: 154 ] هذا إخبار عن المنافقين ؛ لأنهم كانوا يقولون بعد خروجهم من مجلس النبي صلى الله عليه وسلم : ماذا قال آنفا ؟ استهزاء ؛ أي : أنا لم نلتفت إلى قوله ، و {آنفا} يراد به : الساعة التي هي أقرب الأوقات ، من قولك : (استأنفت الشيء ) .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : والذين اهتدوا زادهم هدى أي : زادهم الله هدى ، وقيل : المعنى : زادهم النبي صلى الله عليه وسلم هدى ، وقيل : زادهم نزول الناسخ هدى .

                                                                                                                                                                                                                                      وآتاهم تقواهم أي : ألهمهم إياها ، وقيل : المعنى : وآتاهم ثواب تقواهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : فقد جاء أشراطها أي : علاماتها .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم أي : فمن أين لهم إذا جاءتهم الساعة منفعة الذكرى .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : فاعلم أنه لا إله إلا الله الآية : هذا خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ، والمراد به : الأمة ، وهذه الآية توجب استغفار الإنسان لجميع المسلمين .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : والله يعلم متقلبكم ومثواكم أي : يعلم أعمالكم في تصرفكم وإقامتكم ، وقيل : المعنى : يعلم متقلبكم في الدنيا ، ومثواكم في الآخرة .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 155 ] وقوله : ويقول الذين آمنوا لولا نـزلت سورة : كانوا يقولون ذلك ؛ لأنهم كانوا يأنسون بنزول الوحي ، ومعنى {لولا} : هلا .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : فإذا أنـزلت سورة محكمة أي : لا نسخ فيها .

                                                                                                                                                                                                                                      قتادة : كل سورة فيها ذكر القتال ؛ فهي محكمة .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : رأيت الذين في قلوبهم مرض يعني : المنافقين ، ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت أي : نظر مغمومين مغتاظين .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : فأولى لهم : قيل : إنه تهدد ؛ معناه : ولهم المكروه .

                                                                                                                                                                                                                                      وعن ابن عباس : أن قوله : لهم طاعة : [إخبار من الله عز وجل عن المنافقين ؛ والمعنى : لهم طاعة ] وقول معروف قبل وجوب الفرائض عليهم ، فإذا نزلت الفرائض ؛ شق عليهم نزولها ، فيوقف على هذا على {فأولى} ، ومن جعل الوقف على فأولى لهم ؛ فالمعنى : طاعة وقول معروف أمثل ، وهو مذهب الخليل وسيبويه .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : إن التقدير : أمرنا طاعة وقول معروف ، فحذف المبتدأ ، فيوقف على فأولى لهم أيضا .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : إن {طاعة} نعت لـ {سورة} ؛ على تقدير : فإذا أنزلت سورة ذات [ ص: 156 ] طاعة ؛ فلا يوقف على هذا على فأولى لهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : فإذا عزم الأمر أي : جد بفرض القتال ، وجواب (إذا ) محذوف ؛ كأنه قال : فإذا فرض القتال ؛ كرهوه .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : المعنى : فإذا عزم أصحاب الأمر ؛ فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم ؛ أي : لو صدقوا الله في الإيمان والجهاد .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض : قال كعب : المعنى : فهل عسيتم إن توليتم الأمر أن يقتل بعضكم بعضا .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال بكر المزني : هي في الحرورية .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : المعنى : فهل تريدون إن توليتم عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وكفرتم أن ترجعوا إلى ما كنتم عليه من الكفر ، والفساد في الأرض ، وتقطيع الأرحام .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها أي : بل على قلوب أقفال أقفلها الله عز وجل عليها ، فهم لا يعقلون .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 157 ] وقوله : إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى يعني : أهل الكتاب ، عن قتادة ، الضحاك : يعني : أهل النفاق .

                                                                                                                                                                                                                                      ومعنى سول لهم : زين لهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأملى لهم : قيل : المعنى : وأملى الله لهم ؛ أي : مد في آجالهم .

                                                                                                                                                                                                                                      الحسن : المعنى : وأملى الشيطان لهم ؛ أي : مد لهم في الأمل ، ووعدهم طول العمر .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نـزل الله سنطيعكم في بعض الأمر أي : قال هؤلاء المذكورون لليهود أو للمنافقين على ما تقدم من القولين- : سنطيعكم في التظافر على محمد .

                                                                                                                                                                                                                                      وتقدم القول في يضربون وجوههم وأدبارهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله يعني : الكفر ، وكرهوا رضوانه يعني : الإيمان .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : أن لن يخرج الله أضغانهم : (الأضغان ) : ما يضمر من المكروه ؛ والمعنى : أم حسبوا أن لن يظهر الله عداوتهم لأهل الإسلام ؟

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : ولو نشاء لأريناكهم أي : لعرفناكهم ، قال ابن عباس : وقد عرفه إياهم في سورة (براءة ) [84 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 158 ] وقوله : ولتعرفنهم في لحن القول أي : في فحواه ومعناه ، ومنه قول الشاعر : [من الخفيف ]

                                                                                                                                                                                                                                      ..................... وخير الكلام ما كان لحنا

                                                                                                                                                                                                                                      أي : ما عرف بالمعنى ، ولم يصرح به .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون أي : وأنتم أعلم بالله منهم ، وقيل : المعنى : وأنتم الغالبون .

                                                                                                                                                                                                                                      ولن يتركم أعمالكم أي : لن ينقصكم ، عن ابن عباس وغيره .

                                                                                                                                                                                                                                      الفراء : هو مشتق من (الوتر ) ؛ وهو [الذحل .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : هو مشتق من (الوتر ) ؛ وهو ] الفرد ؛ فكأن المعنى : ولن يفردكم بغير ثواب .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : ولا يسألكم أموالكم إن يسألكموها فيحفكم تبخلوا ويخرج أضغانكم : والمعنى : إنما يسألكم الإيمان ، ولا يأمركم بإنفاق أموالكم كلها في سبيل الله .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 159 ] ومعنى {فيحفكم} : يجهدكم ، ويلح عليكم .

                                                                                                                                                                                                                                      ويخرج أضغانكم أي : يخرج البخل {أضغانكم} ؛ أي : ما تضمرونه من الامتناع من النفقة ؛ خوف الفقر .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : ها أنتم هؤلاء تدعون أي : ها أنتم هؤلاء أيها المؤمنون .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه أي : يمنعها الأجر .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : والله الغني أي : أنه ليس بمحتاج إلى أموالكم .

                                                                                                                                                                                                                                      وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم : روي : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « هم قوم هذا يعني : سلمان الفارسي لو كان الدين بالثريا ؛ لتناوله رجال من الفرس »

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية