الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه أي: وفوا بعهده.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فمنهم من قضى نحبه أي: مات [على ما عاهد عليه]، عن ابن عباس، ومنهم من ينتظر الوفاء بعهده.

                                                                                                                                                                                                                                      مجاهد: (النحب): العهد، وقيل: هو النذر، ثم استعمل في الموت، والحظر العظيم.

                                                                                                                                                                                                                                      يروى أن هذا نزل في قوم لم يشهدوا بدرا، فعاهدوا الله: إن لقوا حربا أن يبلوا، فمنهم من قضى نحبه؛ أي: استشهد، ومنهم من وفى، ولم يقض نحبه، فهو [ ص: 278 ] ينتظر الموت، ومنهم من بدل؛ وهم الذين قال فيهم: ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولون الأدبار [الأحزاب: 15].

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: إنها نزلت في أنس بن النضر، وكان تغيب عن بدر، فقال: لئن لقيت قتالا؛ ليرين الله ما أصنع، فقاتل يوم أحد حتى قتل، ووجد فيه بضع وثمانون؛ ما بين طعنة برمح، وضربة بسيف، ورمية بسهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ليجزي الله الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم [أي: أمر الله بالجهاد؛ ليجزي الله الصادقين بصدقهم، ويعذب المنافقين إن شاء ؛ أي: إن شاء] أن يعذبهم لم يوفقهم للتوبة، وإن لم يشأ أن يعذبهم؛ تاب عليهم قبل الموت.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ورد الله الذين كفروا بغيظهم يعني: الأحزاب.

                                                                                                                                                                                                                                      لم ينالوا خيرا أي: غنيمة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب : [أي: أعانوهم؛ يعني: بني قريظة، هذا قول جميع المفسرين سوى الحسن؛ فإنه قال: هم بنو النضير].

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 279 ] وقوله: من صياصيهم : (الصياصي): الحصون التي يمتنع بها، واحدتها: (صيصية) و (الصيصية) أيضا قرن البقرة، وشوكة الديك؛ لأنهما يمتنعان بهما.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأرضا لم تطئوها : قال قتادة: (الأرض التي لم يطؤوها) مكة.

                                                                                                                                                                                                                                      الحسن: فارس والروم.

                                                                                                                                                                                                                                      يزيد بن رومان، وابن زيد: خيبر.

                                                                                                                                                                                                                                      عكرمة: يعني: ما يفتح على المسلمين إلى يوم القيامة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة قيل: يعني: الزنا، وقيل: عصيان الزوج.

                                                                                                                                                                                                                                      قال بعض أهل التأويل: إذا جاءت (الفاحشة) بالألف واللام؛ فهي الزنا، واللواط، وإذا جاءت نكرة غير منعوتة؛ فهي الزنا وغيره من الذنوب، [ ص: 280 ] وإذا جاءت منعوتة بـ {مبنية} ؛ فهي عصيان الزوج ومخالفته.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: يضاعف لها العذاب ضعفين : قال قتادة: يعني: عذاب الدنيا، وعذاب الآخرة، وكذلك مذهب جميع المفسرين: أن يضاعف لها العذاب ضعفين معناه: عذابين، سوى أبي عبيدة؛ فإنه قال: ثلاثة، ويقوي ما عليه المفسرون قوله: نؤتها أجرها مرتين ، فلا يكون العذاب أكثر من الأجر.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ومن يقنت منكن لله ورسوله أي: ومن يطع الله ورسوله.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وأعتدنا لها رزقا كريما يعني: الجنة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فلا تخضعن بالقول : أي: فلا تلن القول.

                                                                                                                                                                                                                                      فيطمع الذي في قلبه مرض أي: شك ونفاق، عن قتادة، والسدي.

                                                                                                                                                                                                                                      عكرمة: يعني: الذي في قلبه شهوة الزنا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وقلن قولا معروفا أي: بينا ظاهرا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وقرن في بيوتكن أي: واقررن؛ من (قررت بالمكان، أقر قرارا)، حكاها أبو عبيدة عن الكسائي لغة لأهل الحجاز، فنقلت حركة العين إلى الفاء، وحذفت العين.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: هو من (قررت به عينا أقر) ؛ فالمعنى: واقررن عينا في بيوتكن، وهذا على قراءة من فتح القاف.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 281 ] ومن كسرها؛ فالمعنى: كن أهل وقار وسكينة في بيوتكن؛ من (وقر يقر وقورا)، [ويجوز أن يكون الأصل من (قر بالمكان يقر)، فيكون] الأصل: (واقررن)، فنقلت كسرة العين إلى الفاء، وحذفت العين، ومثله قول من قال: (ظلت) في (ظللت)، و (مست) في (مسست).

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى : قال: قتادة: (التبرج) التبختر والتكسر.

                                                                                                                                                                                                                                      مجاهد: كان النساء يتمشين بين الرجال؛ فهو التبرج.

                                                                                                                                                                                                                                      و (التبرج) في اللغة: إظهار الزينة وما تستدعى به الشهوة.

                                                                                                                                                                                                                                      و الجاهلية الأولى - في ما روي عن ابن عباس -: ما بين إدريس ونوح عليه السلام، و (الثانية): ما بين عيسى ومحمد عليه السلام، وعن ابن عباس أيضا أنه قال: ستكون جاهلية أخرى.

                                                                                                                                                                                                                                      وروي عن عمر رضي الله عنه أنه قال لابن عباس: وهل كانت إلا جاهلية؟ فقال ابن عباس: وهل كانت أولى إلا ولها أخرى؟

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 282 ] الشعبي: {الأولى}: ما بين عيسى ومحمد عليهما السلام.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت الآية: قيل: إن هذه الآية دخل فيها نساء النبي صلى الله عليه وسلم وأهله.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال عكرمة: هي في أزواج النبي عليه الصلاة والسلام خاصة. وقال أبو سعيد الخدري: هي في النبي عليه الصلاة والسلام، وعلي وفاطمة، والحسن والحسين، رضي الله عنهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة قال قتادة: يعني: السنة والقرآن.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية