الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      الإعراب:

                                                                                                                                                                                                                                      تقدم القول في قوله: كتاب أنـزل إليك .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وذكرى للمؤمنين : يجوز أن تكون {ذكرى} في موضع نصب؛ على تقدير: وذكر به ذكرى، ويجوز أن تكون في موضع رفع على إضمار مبتدأ، ويجوز أن تكون جرا حملا على موضع لتنذر به .

                                                                                                                                                                                                                                      والقول في: ولا تتبعوا ، و قليلا ما تذكرون : ظاهر و {ما} فيه: زائدة، و قليلا : منصوب بالفعل الذي بعده.

                                                                                                                                                                                                                                      وكم من قرية أهلكناها : يجوز أن تكون {كم} رفعا بالابتداء، و أهلكناها : الخبر، ويجوز أن يكون موضعها نصبا بفعل مضمر بعدها، ولا يقدر قبلها؛ لأن [ ص: 17 ] الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله، ويقوي كون {أهلكناها} خبرا عن {كم} قوله: وكم أهلكنا من القرون من بعد نوح [الإسراء: 17]، وشبهه، ولولا اشتغال {أهلكناها} بالضمير؛ لانتصب به موضع {كم}.

                                                                                                                                                                                                                                      ويجوز أن يكون {أهلكناها} صفة للقرية، و {كم} في المعنى هي القرية، فإذا وصفت القرية؛ فكأنك قد وصفت {كم} ؛ يدل على ذلك قوله: وكم من ملك في السماوات لا تغني شفاعتهم شيئا [النجم: 26]، فعاد الضمير {كم} على المعنى؛ إذ كانت الملائكة في المعنى، فلا يصح على هذا التقدير أن تكون {كم} في موضع نصب بإضمار فعل بعدها؛ لأن من قال: (أزيدا ضربته) ؛ لا يقول: (أزيدا أنت رجل تضربه) ؛ إذا جعل (تضربه) صفة لـ (رجل).

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فجاءها بأسنا بياتا : {بياتا}: مصدر في موضع الحال.

                                                                                                                                                                                                                                      والوزن يومئذ الحق : {الوزن}: ابتداء، و {الحق}: يجوز أن يكون خبرا عن {الوزن}، و {يومئذ}: من صلة {الوزن}، والعامل في {يومئذ}: {الوزن}، ويجوز أن يكون {الحق} صفة لـ {الوزن}، و {يومئذ}: الخبر؛ كما تقول: (القتال يوم الجمعة)، وينتصب {يومئذ} على هذا بمحذوف؛ والتقدير: والوزن الحق يقع يومئذ.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 18 ] ويجوز إذا قدرت {يومئذ} خبرا عن {الوزن} أن ينتصب {الحق} على المصدر، وإذا قدرت {يومئذ} من صلة {الوزن} ؛ لم تجعل {الحق} صفة لـ {الوزن} ؛ لأن المبتدأ يبقى بغير خبر. والهمز في {معائش} شاذ، وهو على تشبيه الأصلي بالزائد، فهمزت {معائش} كما تهمز (صحائف) ؛ لاشتباههما في اللفظ، وقد جاءت (مصائب) بالهمز، وياؤه ليست زائدة، وأصلها: (مصاوب)، و (معيشة) في قول الأخفش وكثير من النحويين: (مفعلة)، وقال الخليل: هي (مفعلة) أو (مفعلة)، وصححت ياؤها في الجمع، وهي لا تصح في الواحد؛ لأن الواحد على وزن الفعل، وموافقة الاسم لبناء الفعل توجب في الاسم الإعلال؛ فأعلت (معيشة) كما أعل (يعيش) ؛ كما أعلوا (بابا) وشبهه لما كان بوزن الفعل، [ولم يعلوا [ ص: 19 ] (حولا)، وشبهه؛ لما لم يكن بوزن الفعل]، ولم يعل الجمع؛ لخروجه عن شبه الفعل، وأيضا فإن الجمع يستثقل فيه ما لا يستثقل في الواحد؛ ولذلك قلبوا باب (أول) ونحوه، وصححوا في الواحد في نحو: (عتو).

                                                                                                                                                                                                                                      ومن وحد {سوآتهما} ؛ فعلى معنى: سوءة كل واحد منهما؛ كما قال: فاجلدوهم ثمانين جلدة [النور: 4]، ويجوز أن يكون التوحيد جاء من جهة المصدرية، لأن (السوءة) في الأصل (فعلة) من (ساء يسوء)، فوقع التوحيد فيها كوقوعه في سائر المصادر.

                                                                                                                                                                                                                                      وتشديد الواو في {سواتهما} على التخفيف، وهو على مذهب من يجري الواو الأصلية إذا كانت قبل الهمزة مجرى الزائدة.

                                                                                                                                                                                                                                      وكسر اللام من {ملكين} على معنى: ملكين مخلدين في الجنة؛ يقوي [ ص: 20 ] ذلك قوله: هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى [طه: 120]، ومن قرأ بفتح اللام؛ أراد ملكين من الملائكة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: إني لكما لمن الناصحين : لا تتعلق اللام من {لكما} بـ {الناصحين} ؛ لئلا تتقدم الصلة على الموصول إذا قدرت الألف واللام بمعنى: (الذي)، لكن تتعلق بمحذوف؛ والتقدير: إني ناصح لكما، ويجوز أن تتعلق اللام من {لكما} بـ {الناصحين} إن قدرت الألف واللام للتعريف.

                                                                                                                                                                                                                                      والقول في: {يخـصفان}، كالقول في {يخـطف} [البقرة: 20].

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {يخصفان}، أو {يخصفان} ؛ فهو منقول من (خصف يخصف) ؛ بالهمزة أو التضعيف.

                                                                                                                                                                                                                                      * * *

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية