[ ص: 567 ] وقوله: أو كالذي مر على قرية هذا محمول على المعنى، كأنه قال: هل رأيت كالذي حاج إبراهيم في ربه، أو كالذي مر على قرية؟قال ابن عباس، وغيرهما: الذي مر على قرية: عزير. وعكرمة،
: هو رجل من مجاهد بني إسرائيل، : هو إرميا. وهب بن منبه
و(القرية) في قول قتادة، وغيرهما: ووهب، بيت المقدس، : هي التي خرج منها ألوف حذر الموت. ابن زيد
قال وهب: خرج إرميا إلى بيت المقدس راكبا على حماره، ومعه سلة من عنب وتين، وسقاء جديد، فلما رأى بيت المقدس ; قال: أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه ، فكان ما قصه الله من أمره، وكان قد أميت ضحى، وبعث آخر النهار; ولذلك قال: لبثت يوما أو بعض يوم .
ويروى: أنه أتى قومه شابا كما خرج عنهم، ووجد ولده شيوخا، وحماره مقيدا.
[ ص: 568 ] ومعنى خاوية على عروشها : ساقطة على سقوفها، و(الخاوية) : الخالية، و(العروش) : السقوف.
ومعنى: {يتسنه} أي: لم يتغير، : لم ينتن. مجاهد
ويجوز أن يكون أصله من (سانيته مساناة) ؛ أي: عاملته سنة بعد سنة، أو من: سانهت [النخلة; إذا حملت عاما، ولم تحمل عاما]، فإن كان من (سانيت) ؛ فأصله: (يتسنى) ، فسقطت الألف للجزم، وأصله من الواو; بدليل قولهم: (سنوات) ، والهاء فيه للسكت، وإن كان من (سانهت) ؛ فالهاء لام الفعل، وأصل (سنة) على هذا: (سنهة) ، وعلى القول الأول: (سنوة) .
وقيل: هو من (أسن الماء) : إذا تغير، فكان يجب أن يكون على هذا: (يتأسن) .
: هو من قولهم: أبو عمرو الشيباني حمإ مسنون [الحجر: 26]; فالمعنى: لم يتغير.
: ليس كذلك; لأن قوله: {مسنون} ليس معناه: متغيرا، وإنما معناه: مصبوب على سنة الأرض، وأصله على قول الشيباني: (يتسنن) ، فأبدلت [ ص: 569 ] إحدى النونين ياء; كراهة التضعيف، فصار: (يتسنى) ، ثم سقطت الألف للجزم، ودخلت الهاء للسكت. الزجاج
وانظر إلى العظام كيف ننشزها أي: نحييها، وهو مذكور في وجوه القراءات.
وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى قال أولم تؤمن الآية.
معنى أولم تؤمن في قول السدي، : أولم تؤمن بأنك خليلي؟ وابن جبير قال بلى ولكن ليطمئن قلبي بالخلة.
وقيل: دعا أن يريه كيف يحيي الموتى; ليعلم هل تستجاب دعوته؟ فقال له الله: أولم تؤمن أني أجيب دعاءك؟ قال: بلى، ولكن ليطمئن قلبي أنك تجيب دعائي.
وقد قال : لا يكون الخبر عند ابن آدم كالعيان، وروي معناه عن الحسن . ابن عباس
: مر ابن زيد إبراهيم عليه السلام بحوت، نصفه في البحر، ونصفه في البر، تأكل منه دواب البحر ودواب البر، فقال: رب أرني كيف تحيي الموتى؟ قال: فخذ أربعة من الطير [ ص: 570 ] قال : الحمامة، والطاووس، والكركي، والديك. ابن عباس
مجاهد، وغيرهما: كذلك، إلا أن مكان (الكركي) : الغراب. وابن زيد،
وروي ذلك أيضا عن وقال: أمر أن يقطعها، ويخلط ريشها بدمها، ثم يفرقها على كل جبل جزءا، على أربع أجبل. ابن عباس،
ابن جريج، : على سبعة أجبل. والسدي
مجاهد، : على كل جبل يمكنه التفرقة عليه. والضحاك
ومعنى (صرهن) : قطعهن، وعن ابن عباس، وغيرهما. ومجاهد،
عطاء، : اضممهن. وابن زيد
و(الصور) : التقطيع، وقيل للميل: صور; لأنه انقطاع إلى الشيء بالميل إليه.
وقال : صرت عنقها أصورها، وصرتها أصيرها; إذا أملتها، ومن جعل معنى (صرهن) : قطعهن; ففي الكلام تقديم وتأخير، المعنى: فخذ أربعة من الطير [إليك، فصرهن، ومن جعل المعنى: أملهن; فالمعنى: فخذ أربعة من الطير]، فأملهن إليك; أي: ضمهن، فقطعهن، فحذف (فقطعهن) ؛ لدلالة [ ص: 571 ] المعنى عليه. أبو عبيدة
ثم ادعهن يأتينك سعيا قال : أي: قل لهن تعالين بإذن الله عز وجل، فقال لهن كذلك، فصار لحم كل واحدة إليها، وأقبلن إليه {سعيا} أي: عدوا. ابن عباس
واعلم أن الله عزيز أي: لا يمتنع عليه ما يريده {حكيم} : فيما يفعله.
مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله [الآية: هذا مثل للنفقة، لا للمنفق، فالتقدير: مثل نفقة الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله]، فأعلم الله تعالى أنه يجازي على الواحد سبع مئة، ويضاعف لمن يشاء زيادة على سبع مئة، وذلك في الجهاد، عن السدي، وغيرهما، وأخبر عز وجل عن غير الجهاد أن الحسنة فيه بعشر. والربيع بن أنس،
الطبري: هذه الآية مردودة إلى قوله: من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا ، والآي التي بعدها.
: ابن عمر مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: نزل:
[ ص: 572 ] «اللهم زد أمتي» ، فنزلت: من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا [البقرة: 245]، فقال: «اللهم زد أمتي» ، فنزلت: إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب [الزمر: 10]. لما
وقيل: إن الآية نزلت في عثمان بن عفان، جهز وعبد الرحمن بن عوف، رضي الله عنه كل من عجز من جيش عثمان تبوك، واشترى بئر رومة فوقفها للمسلمين، وجاء بنصف ماله إلى النبي صلى الله عليه وسلم; وهو أربعة آلاف دينار. عبد الرحمن بن عوف
وقيل: إن المراد بقوله: في كل سنبلة مائة حبة : سنبلة الدخن; فهو الذي يكون في السنبلة منه هذا العدد.
وقيل: معناه: أن السنبلة تنبت [مئة حبة.
و {سنبلة} : (فنعلة) ، من (أسبل الزرع) ؛ إذا صار فيه السنبل; أي: استرسل] بالسنبل، كما يسترسل الستر بالإسبال.
وقيل: معناه: صار فيه حب مستور، كما يستر الشيء بإسبال الستر عليه.
وقوله: الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ثم لا يتبعون ما أنفقوا منا ولا أذى الآية.
في سبيل الله : في الجهاد، وقيل: جميع أبواب البر.
[ ص: 573 ] ونهى الله عز وجل عن وعن أذاه بزجر أو تعنيف، وأعلم أن ذلك يبطل ثواب الصدقة. المن على المتصدق عليه،
و(المن) : مأخوذ من قولهم: (حبل منين) ؛ أي: ضعيف منقطع، فالمن يقطع الحق الذي أمر الله تعالى به.