(239) 4- ما رواه من طريق ابن حزم ابن وهب: بلغني عن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- أن -رضي الله عنها- "كانت تعمر بني أخيها حياتهم، فإذا انقرض أحدهم قبضت مسكنه، فورثنا نحن ذلك كله اليوم عنها" (ضعيف) . عائشة أم المؤمنين
وجه الدلالة: حيث دل هذا الأثر على وقوع العمرى بمعنى هبة المنافع مستقلة عن الذات، وقد فعلته ولا تفعل ذلك بغير دليل على جواز ذلك. [ ص: 23 ] أم المؤمنين عائشة،
وقد نوقش هذا الدليل بما يلي:
قالوا: إن خبر باطل، وهو مرسل، وأن عائشة عبد الرحمن بن القاسم وأباه وجده القاسم محمدا لم يرثوا ; لأن عائشة محمدا قتل في حياة قبل موتها بنحو عشرين سنة، وإنما ورثها عائشة عبد الله بن عبد الرحمن فقط; لأنه كان ابن شقيقها فحجب ولو صح ذلك لكان قد خالفها القاسم بن محمد، ابن عباس، وابن عمر، وجابر، وزيد بن ثابت، رضي الله عنهم. وعلي بن أبي طالب،
قالوا: إن العمرى معناها عند العرب تمليك المنافع فقط.
والجواب على هذا: أن العمرى إذا كانت عند العرب تمليك المنافع فقط والرقبة على ملك صاحبها، فنقول: قد جعلها الشارع تمليك رقبة كما كانت الصلاة عند العرب دعاء، فجعلها الشارع عبادة خاصة; لأن الشرع نقل حقائق لغوية إلى معان شرعية.
ومن المقرر في علم الأصول: أن اللفظ في خطاب الشارع يحمل على المعنى الشرعي لا اللغوي.
6- أن الإمام لم يجد على ذلك عمل مالكا أهل المدينة.
ونوقش: بأن أهل المدينة موضع خلاف بين أهل العلم في الاحتجاج به. عمل
القول الثالث: أن [ ص: 24 ] العمرى هبة صحيحة إذا أعمرها له ولعقبه، فأما إذا لم يقل: لعقبه، فهي تمليك للمنافع فقط، وترجع بعد ذلك للمعمر.
قال بذلك عروة بن الزبير، وأبو ثور، وداود بن علي، والزهري.
وقد استدل أصحاب هذا القول بما يلي:
1- حديث -رضي الله عنه- قال: جابر "إنما العمرى التي أجاز رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يقول: هي لك ولعقبك، فأما إذا قال: هي لك ما عشت فإنها ترجع إلى صاحبها.
وجه الدلالة: حيث جعل لذكر العقب حكمة، وللسكوت عنه حكمة، فدل ذلك على التفريق بينهما.
قال في الرد على هذا الاستدلال: "ولا حجة لهم فيه; لأن السند منه إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إنما العمرى التي أجازها أن يقول: هي لك ولعقبك، وأما باقي لفظ الخبر فمن كلام ابن حزم ولا حجة في أحد دون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقد خالف جابر، ههنا جابرا ابن عباس -رضي الله عنهم- وغيرهما...، فإنما في هذا الخبر حكم العمرى إذا قال المعمر: هي لك ولعقبك، وبقي حكمه إذا لم يقل هذا الكلام لا ذكر له في هذا الخبر، فوجب طلبه من غيره". وابن عمر