قلت أو قيل له فلو لمالك: فقال: نعم أرى فيها زكاة» . أن رجلا حبس مائة دينار موقوفة يسلفها الناس ويردونها على ذلك جعلها حبسا هل ترى فيها زكاة؟
واحتجوا بالآتي:
1 - عموم الأدلة الدالة على وجوب الزكاة في الغلة.
ونوقش هذا الاستدلال: بأن هذا العموم مسلم في غير المعين; لعدم توفر شرط وجوب الزكاة الذي هو تمام الملك في المعين.
2 - قال «وقد تصدق مالك: وغيره من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالصدقة تؤخذ من صدقاتهم» . عمر بن الخطاب
ونوقش: بأنه لم ينقل بسند، وعلى فرض ثبوته فهو محمول على أن الوقف موقوف على معين.
(251) 3 - ما روى من طريق أبو عبيد عن ابن لهيعة، خالد بن أبي عمران، قال: سألت سالم بن عبد الله، عن نخل جعلت رقابها صدقة، هل تخرص مع النخل؟ فقالا: «نعم» . والقاسم بن محمد
ونوقش: ضعيف، وأيضا هو نقل عن تابعي فليس حجة، بل هو اجتهاد يحتمل الصواب والخطأ، ثم إنه قد حمله ابن لهيعة رحمه الله على أن المراد به الوقف على قوم بأعيانهم. أبو عبيد
4 - أن الزكاة تجب في الخارج من الأرض الذي هو الثمر أو الحب، [ ص: 437 ] وهو مملوك للموقوف عليه ملكا تاما يتصرف فيه كتصرفه في سائر ما يملك، فوجب أن تلزمه الزكاة.
ونوقش: بعدم التسلم; لأن الملك لم يتعين لواحد من المساكين بدليل أن كل واحد منهم يجوز حرمانه والدفع إلى غيره، وإنما يثبت هذا الملك لهم بالدفع إليهم، فملكهم ملك مستأنف حصل حين القبض، فيكون كقبضه حقه من زكاة ونحوها.
القول الثالث: أن الزكاة لا تجب في غلة الوقف مطلقا.
وبهذا قال طاووس، من التابعين، وغيرهما. ومكحول
واحتج لهذا بما يأتي:
1 - حديث رضي الله عنه قال: أبي هريرة ابن جميل، وخالد بن الوليد، وفيه: «وأما وعباس بن عبد المطلب...» خالد فإنكم تظلمون خالدا قد احتبس أدرعه وأعتده في سبيل الله...» . «أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالصدقة فقيل: منع
وجه الدلالة: أن خالدا رضي الله عنه لما طولب بالزكاة عن أثمان الأدرع على معنى أنها كانت للتجارة، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم لا زكاة عليه فيها; إذ جعلها حبسا في سبيل الله، وكذلك الغلة.
ونوقش: بأنه لا يتم الاستدلال به إلا على التأويل الذي ذكروه بأن خالدا طولب بزكاة الدروع على معنى أنها للتجارة، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنها لا زكاة فيها لأنها محبسة، وهذا التأويل أحد الوجوه التي قيلت في المراد [ ص: 438 ] من الحديث فلم يتعين، قال الحافظ ابن حجر بعد أن ذكره: وهذا يحتاج لنقل خاص، فيكون فيه حجة لمن أسقط الزكاة عن الأموال المحبسة.
(252) 2 - ما رواه من طريق أبو عبيد عن ابن لهيعة، عبد الرحمن بن عطاء بن كعب، عن عبد الكريم البصري: «أن رجلا قال رضي الله عنه: إني جعلت عشرة من الإبل في سبيل الله، فهل علي فيها زكاة؟ فقال لابن عباس (عضلة) أو معضلة يا ابن عباس: ليست بأدنى من التي في بيت أبا هريرة، فقل، فقال عائشة، أستعين بالله، لا زكاة عليك، فقال أبو هريرة: أصبت، كل ما لا يحمل على ظهره، ولا ينتفع بضرعه، ولا يصاب من نتاجه، فلا زكاة فيه، فقال ابن عباس: أصبتما» عبد الله بن عمرو: ضعيف]. [ابن لهيعة
3 - أن الأرض ليست بمملوكة لهم، فلم تجب عليهم زكاة في الخارج منها; لأن من شروط الزكاة الملك، وهو غير موجود هنا.
ونوقش: بالمنع; فهناك من يقول إنها في ملك الموقوف عليهم، وقيل: بل باقية على ملك الواقف، وعلي التسليم، فالموقوف عليه إذا كان معينا فهو مالك لمنفعتها، ويكفي ذلك في وجوب الزكاة بدليل الأرض المستأجرة للزرع، والله أعلم.