الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        معلومات الكتاب

        الجامع لأحكام الوقف والهبات والوصايا

        خالد المشيقح - أ.د/ خالد بن علي بن محمد المشيقح

        صفحة جزء
        المسألة الثانية: زيادة الأجرة أثناء المدة:

        إذا طرأت زيادة في إجارة العين الموقوفة، فهل يملك الناظر الفسخ أو لا؟

        للعلماء في ذلك أقوال:

        القول الأول: أن إجارة الوقف لا تفسخ، ويبقى العقد على المسمى.

        وبه قال: المالكية، والشافعية، والحنابلة، واختاره شيخ الإسلام.

        وحجته:

        1 - أدلة وجوب الوفاء بالعقود.

        2 - أن الإجارة عقد لازم من الطرفين فلا يجوز فسخها بغير سبب موجب، وإذا أوجبنا الزيادة على المستأجر فيجب أن نبيح له النقص، إذا نقص أجر المثل عن المسمى.

        3 - أن العقد وقع بالغبطة في وقته، فأشبه ارتفاع القيمة، أو الأجرة بعد بيع، أو إجارة مال المحجور.

        القول الثاني: أن زيادة أجرة المثل، أو ظهور راغب بها بزيادة عذر يفسخ به عقد الإجارة إلا إن رضي المستأجر بدفع الزيادة.

        وهذا المفتى به عند الحنفية، ووجه عند الشافعية، ووجه عند الحنابلة.

        [ ص: 390 ] لكن اشترط الحنفية للفسخ شروطا:

        الشرط الأول: أن يكون المؤجر الناظر بحكم الولاية لا الموقوف عليه، وهذا اشترطه أيضا الشافعية، والحنابلة.

        الشرط الثاني: أن تكون الزيادة فاحشة غير يسيرة.

        وهذا أيضا شرط عند الجميع - وتقدم تفسير الفاحش قريبا - .

        وقدر بعض الشافعية والحنابلة: الزيادة بالثلث.

        الشرط الثالث: أن تكون الزيادة في عامة أمثال الوقف لا بسبب ما أحدثه المستأجر فيه من العمارة.

        الشرط الرابع: أن تكون الزيادة حقيقية بمعنى أن لا يكون طالب الزيادة مريدا الإضرار بالمستأجر.

        الشرط الخامس: أن يمكن الفسخ بأن لا يكون للمستأجر في الأرض زرع لم يحصد، بل يترك إلى الحصاد بأجرة المثل، وما قبله فبالمسمى.

        الشرط السادس: أن يتحقق من الزيادة بأن يكثر الطالب بها، وإلا لم يعتبر جزما.

        وحجته: أنه بزيادة أجرة المثل تبين أن العقد الأول وقع بخلاف الغبطة، وفي ذلك ضرر على الوقف فيجب فسخه.

        القول الثالث: التفصيل فإن كانت الإجارة سنة فما دونها لم يتأثر العقد، وإن كانت أكثر تأثر بها.

        وهذا وجه عند الشافعية.

        الترجيح:

        الراجح - والله أعلم - قول جمهور أهل العلم بعدم انفساخ الإجارة بزيادة [ ص: 391 ] الأجرة; لأن العقد قد تم بشروطه، ولأن الأوقاف يلحقها ضرر من جهة أن الناس يعرضون عن استئجارها إذا علموا بجواز الفسخ عند زيادة الأجرة.

        التالي السابق


        الخدمات العلمية