الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        معلومات الكتاب

        الجامع لأحكام الوقف والهبات والوصايا

        خالد المشيقح - أ.د/ خالد بن علي بن محمد المشيقح

        صفحة جزء
        [ ص: 320 ] المبحث الثاني والعشرون: صرف فاضل ريع الوقف إذا كان على معين

        ذكر الحنابلة مصرف فاضل ريع الوقف على معين، وبينوا أنه لا يكون ريع الوقف على معين فاضلا إلا إذا كان استحقاقه مقدرا، كأن يقول الواقف: يعطى من ريعه كل شهر مائة، وريعه أكثر من ذلك.

        وذكروا أن مصير هذا الفاضل يجب إرصاده.

        جاء في مطالب أولي النهى: «(وفضل غلة موقوف على معين استحقاقه) مقدر من الواقف (يتعين إرصاده) واقتصر عليه الحارثي وقال: وأما فضل غلة الموقوف على معين أو معينين أو طائفة معينة فيتعين إرصاده، ذكره القاضي أبو الحسين في فضل غلة الموقوف على نفقة إنسان، وإنما يتأتى إذا كان الصرف مقدرا، أما عند عدم التقدير فلا فضل; إذ الغلة متفرقة.

        قال في الإنصاف: وهو واضح، وقطع به في المنتهى (وقال الشيخ) تقي الدين: (إن علم أن ريعه يفضل دائما وجب صرفه; لأن بقاءه فساد له وإعطاؤه) أي: المستحق (فوق ما قدر له الواقف جائز) ; لأن تقديره لا يمنع استحقاقه» .

        [ ص: 321 ] دليل هذا القول:

        أن هذا الفاضل ربما يحتاج إليه، كأن يكون الريع في أحد الأعوام أقل من المقدر.

        وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية: إلى أنه يجب صرف فاضل الريع للمستحق إذا علم أن الريع يفضل دائما.

        قال الرحيباني الحنبلي بعد أن ذكر وجوب رصد فاضل غلة الموقوف على معين: «وقال الشيخ تقي الدين: إن علم أن ريعه يفضل دائما وجب صرفه» .

        دليل هذا القول:

        أن بقاء فاضل الريع بلا صرف فساد له، وإعطاء المستحق فوق ما قدر له الواقف جائز; لأن تقديره لا يمنع استحقاقه.

        وقد اقتصر جمع من فقهاء الحنابلة على ذكر إرصاد غلة الموقوف على معين دون تعرض لصرفه للمستحق.

        وفي فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم: «...أنهم يوقفون أوقافا يجعلون فيها معينات من حجج وأضاحي، وما زاد من الغلة لم يذكر له مصرف، وتسأل عن مصرف الزائد من تلك المعينات؟

        والجواب: أن ما فضل بعد تلك المعينات حكمه حكم غلة الوقف المنقطع الآخر من كونه لأقرب ورثة الواقف نسبة لا بالولاء ولا بالزوجية، [ ص: 322 ] ويكون وقفا عليهم للذكر مثل حظ الأنثيين; لأنه لم يجعله إليهم بنص منه وإنما استحقوه بالقرابة، والذي يستحق يكون كقسمة الميراث للذكر مثل حظ الأنثيين.

        وكيفية استحقاقهم: أنه متى حصل غلة من هذا الوقف فحينئذ يقدر الواقف كأنه مات الآن، فينظر في أمر ورثته الموجودين، فمن كان يرثه إذا أخذ من هذه الغلة بحسب ميراثه، ويجري الحجب بينهم في ذلك، وهذا المفتى به عندنا، وهو المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله في غلة الوقف المنقطع الآخر، وأما إصلاح ما خرب من تلك الأوقاف فيقدم على ما يأخذه الأقارب من الغلة، وهذا المفتى به عندنا» .

        التالي السابق


        الخدمات العلمية