الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
المثال التاسع عشر : إذا شغر الزمان عن من له الولاية العظمى ، وحضر اثنان يصلحان للولاية ، لم يجز الجمع بينهما ، لما يؤدي إليه من الفساد باختلاف الآراء : فتتعطل المصالح بسبب ذلك ، لأن أحدهما يرى ما لا يرى الآخر من جلب المصالح ودرء المفاسد ، فيختل أمر الأمة فيما يتعلق بالمصالح والمفاسد ، وإنما تنصب الولاة في كل ولاية عامة أو خاصة للقيام بجلب مصالح المولى عليهم ، وبدرء المفاسد عنه ، بدليل قول موسى لأخيه هارون عليه السلام : { اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين } .

فإن كانا متساويين من كل وجه تخيرنا بينهما ، ويحتمل أن يقرع بينهما دفعا لتأذي من يؤخر منهما ، وإن كان أحدهما أصلح تعينت ولاية الأصلح ; لما قدمناه من تقديم أصلح المصالح فأصلحها ، وأفضلها فأفضلها إلا أن يكون الأصلح بغيضا للناس أو محتقرا عندهم ، ويكون الصالح محببا إليهم عظيما في أعينهم ، فيقدم الصالح على الأصلح ، لأن الإقبال عليه موجب للمسارعة إلى طواعيته وامتثال أمره في جلب المصالح ودرء المفاسد ، فيصير حينئذ أرجح ممن ينفر منه لتقاعد أعوانه عن المسارعة إلى ما يأمر به من جلب المصالح ودرء المفاسد ، فيصير الصالح بهذا السبب أصلح .

التالي السابق


الخدمات العلمية