[ ص: 10 ] فيما تعرف به مصالح الدارين ومفاسدهما
أما مصالح الدارين وأسبابها ومفاسدها فلا تعرف إلا بالشرع ، فإن خفي منها شيء طلب من أدلة الشرع وهي الكتاب والسنة والإجماع والقياس المعتبر والاستدلال الصحيح .
وأما مصالح الدنيا وأسبابها ومفاسدها فمعروفة بالضرورات والتجارب والعادات والظنون المعتبرات ، فإن خفي شيء من ذلك طلب من أدلته ، ومن أراد أن يعرف المتناسبات والمصالح والمفاسد راجحهما ومرجوحهما فليعرض ذلك على عقله بتقدير أن الشرع لم يرد به ثم يبني عليه الأحكام فلا يكاد حكم منها يخرج عن ذلك إلا ما تعبد الله به عباده ولم يقفهم على مصلحته أو مفسدته ، وبذلك تعرف حسن الأعمال وقبحها ، مع أن الله عز وجل لا يجب عليه جلب مصالح الحسن ، ولا درء مفاسد القبيح ، كما لا يجب عليه خلق ولا رزق ولا تكليف ولا إثابة ولا عقوبة ، وإنما يجلب مصالح الحسن ويدرأ مفاسد القبيح طولا منه على عباده وتفضلا ، ولو عكس الأمر لم يكن قبيحا إذ لا حجر لأحد عليه .