[ ص: 240 ] فصل
في ، وفيه مسائل : اشتمال العموم على بعض من يشكل تناوله بالنسبة إلى النساء والعبيد والمخاطب وغيره
الأولى : ، كرجال للمذكر والنساء للمؤنث ، فلا يدخل أحدهما في الآخر بالاتفاق إلا بدليل من خارج من قياس أو غيره ، قاله الأستاذان الألفاظ الدالة على الجمع بالنسبة إلى دلالتها على المذكر والمؤنث على أقسام : أحدها : ما يختص به أحدهما ، ولا يطلق على الآخر بحال أبو إسحاق وأبو منصور وغيرهما .
قيل : ومما يختص به الذكور : الهاء والميم والواو والنون ، ومما يختص به الإناث الألف والتاء ومنه الوقف على البنين لا تدخل البنات أو البنات لا تدخل البنون ، لكن سيأتي في الجموع بالواو والنون . ومنه " القوم " فإنه خاص بالذكور ، قال تعالى : { لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ، ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن } ولهذا لا يدخلن في الوصية لهم على الأصح .
الثاني : ، كالناس والإنس والجن والأناس والبشر ، فيدخل فيه كل منهما بالاتفاق أيضا . وفي كلام ما يعم الفريقين بوضعه ، وليس لعلامة التذكير والتأنيث فيه مدخل الغزالي في " المنخول " إثبات خلاف ، وهو بعيد .
الثالث : ، وهذا من موضع الخلاف ، فقيل : لا يدخل فيه النساء إلا بدليل . والصحيح أنه [ ص: 241 ] يتناولهما بدليل قوله تعالى : { لفظ يشملها من غير قرينة ظاهرة في أحدهما " كمن " ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى } فلولا اشتماله عليه لم يحسن التقسيم بعد ذلك وممن حكى الخلاف في هذه المسألة من الأصوليين أبو الحسين في " المعتمد " وإلكيا الهراسي في " التلويح " . وحكاه غيرهما عن بعض الحنفية ، وإنهم لذلك قالوا : إن ، لعدم دخولها في قوله : { المرتدة لا تقتل } ; لكن الموجود في كتبهم أنها تعم الجميع ، كقول الجمهور ، وصرح به من بدل دينه فاقتلوه البزدوي وشراح كتابه . وغيرهما . ونقل في " المحصول " الإجماع على أنه لو وابن الساعاتي ، وكذلك لو علق بهذا اللفظ وصية أو توكيلا أو إذنا في أمر لم يختص بالذكور ، وكان بعض مشايخنا لهذا ينكر حكاية الخلاف على قال : من دخل داري من أرقائي فهو حر دخل فيه الإماء ، وقد علمت مستنده ، ثم إن ابن الحاجب إمام الحرمين خص الخلاف بما إذا كانت شرطية .
قال الهندي : والظاهر أنه لا فرق بينهما وبين " من " الموصولة والاستفهامية ، والخلاف جار في الجميع ، وهو كما قال بناء على عمومهن ، والإمام إنما فرض الخلاف في الشرطية ، لأنه لم يذكر عموم غيرها ، ثم ذكر إمام الحرمين أن مستند القائلين بأنها لا تتناول المؤنث قولهم في باب الحكاية : " من ومنه " يدل على أن اللفظ لا يتناول المؤنث إلا بعلامة تأنيث . [ ص: 242 ] وأجاب ، وتبعه ابن القشيري ، بأنها لغة شاذة وليست من الفصيح ، وليس كذلك ; بل هي الفصيحة في باب الحكاية وظن الإمام أنها شرطية ، وهو وهم ، بل هي استفهامية ، ووهم أيضا في قوله : إنه قد يعود الضمير مفردا على اللفظ ، وجمعا على المعنى كقوله تعالى : { ومنهم من يستمعون إليك } { ومنهم من ينظر إليك } وهذه ليست شرطية بل موصولة ، وتبعه إلكيا في الموضعين . وإنما الجواب ما ذكره ثانيا أن ذلك على وجه الحكاية بأن العرب لم تقصد حينئذ بها معناها الأصلي ، وإنما تأتي به في حكاية النكرات خاصة ، فيحصل الشبه بين كلام الحاكي والمخبر ، فإذا قال : جاءتني امرأة . قال له المستفهم : " منه " ؟ للمحاكاة ، لا لأن اللفظ لا يتناول المؤنث إلا بعلامة التأنيث .
وذكر بعضهم أن " من " وإن لم يكن لها علامة تأنيث يفصل بها بالأصالة ، لكن يعرف ذلك من تأنيث الفعل الواقع بعدها وتذكيره ، نحو من فعل كذا ، ومن فعلت ، وهذا ضعيف ، لأنه يصح تذكير الفعل وتأنيثه مراعاة للفظها تارة ، ولمعناها أخرى . قال تعالى : { ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحا } فذكر الفعل أولا ، ثم أنثه ، والخطاب فيهما للإناث .
فروع ينبغي بناؤها على هذا الأصل :
منها : أن فيه وجهان ، والأصح تعم ، لعموم [ ص: 243 ] قوله { المرتدة هل تقتل بناء على أنها دخلت في قوله : ( من بدل دينه ) أو لا تعم ؟ ومنها : إذا قتلت هل لها السلب ؟ } من قتل . . . فله سلبه
ومنها فالأصح أنها تهدر كالرجل ، لعموم قوله { إذا نظرت في بيت بغير إذن صاحبه } . الحديث . من اطلع على قوم بغير إذنهم