مسألة [ ؟ ] هل يجوز أن يبلغ المكلف اللفظ العام ولا يبلغه المخصص
إذا ثبت أن للعموم صيغة بالمعنى السابق ، قال القاضي في [ ص: 46 ] التقريب " : ذهب الجمهور سيما القائلين بجواز تأخير البيان إلى أنه يجوز أن يسمع المكلف اللفظ العام ، ولا يسمع المخصص إذا كان له مخصص في أدلة الشرع ، وعليه البحث في ذلك بقدر ما يعلم أنه لو كان هناك مخصص لبلغه ، فإن وجده وإلا اعتقد عمومه . وذهب بعض أهل العراق إلى أنه لا يجوز أن يسمع الله واحدا من المكلفين العام المخصوص ، ولا يسمعه خصوصه ; بل لا بد أن يسمعه إياهما أو يصرفه عن سماع العموم إذا لم يسمع الخصوص .
قلت : ونقله صاحب " المعتمد " ، والمحصول " عن الجبائي ، قال صاحب " الواضح " : وهو قول وأبي الهذيل أبي علي الجبائي ، قال : وكذا كان يقول في الناسخ والمنسوخ .
قال القاضي : واتفق الكل على أنه إذا كان العموم مخصوصا بدليل العقل جاز أن يسمعه من لم يتقدم نظره في الدليل على تخصيصه ، وأن دليل العقل المخصص له مقدم عليه ، لتقدم العقل على السمع ، وهو من أوضح ما يستدل به ، فإنه إذا جاز ذلك في الأدلة العقلية جاز في السمعية . قال القاضي : ويجوز أن ، وحكى صاحب " الواضح " المعتزلي في المسألة ثلاثة مذاهب ، ثالثها : التفصيل بين المخصص العقلي فيجوز ، والسمعي فلا يجوز ، وحكاه في " المعتمد " عن يبلغه المنسوخ ، ولا يبلغه الناسخ الجبائي . وممن تبع وأبي الهذيل القاضي في ذكر هذه المسألة الإمام في " التلخيص " ، والغزالي في " المستصفى " قال : ونحن نقول : يجب على الشارع أن يذكر دليل الخصوص ، إما مقترنا أو متراخيا على ما ذكرنا من تأخير البيان ، وليس من ضرورة كل محتمل يبلغه العموم أن يبلغه الخصوص ; بل يجوز أن يغفل [ ص: 47 ] عنه ، ويكون حكم الله في حقه العمل بالعموم ، وهو الذي بلغه ، دون ما لم يبلغه .
وقال في " البرهان " لا يمتنع ورود اللفظ العام مع استئخار المخصص عنه إلى وقت الحاجة ، وذهب جماهير المعتزلة إلى منع ذلك ، وهي من فروع تأخير البيان إلى وقت الحاجة .