العلاقة الثالثة : : وهي تسمية الشيء باسم مشبهه ، إما في الصورة كإطلاق اسم الأسد [ ص: 71 ] على المنقوش في الحائط بصورته ، وإما في المعنى كالصفة الظاهرة للحقيقة ، كإطلاق اسم الأسد على الشجاع ، فلا يجوز في الحقيقة كاستعارة لفظ الأسد للرجل الأبخر ; إذ هي صفة غير مشهورة . وقال المشابهة القرافي : إنه يشترط فيها أن تكون أشهر صفات المحل ، ومن هاهنا توهم بعضهم اشتراط كون العلاقة أمرا ذهنيا كما سبق ، ونحن إن اشترطنا الظهور ، فلا نشرط كونه ذهنيا .
وقد اجتمعت المشابهة في الصورة والصفة الظاهرة معا في قوله تعالى { فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار } فإن العلاقة مجموع الشكل والخوار ، وإما بدون أداة كقوله تعالى ، { وأزواجه أمهاتهم } أي : مثل أمهاتهم في الحرمة وتحريم المناكحة ، وقولهم : أبو يوسف ، ومنه تسمية الكافر كافرا ; إذ حقيقة الكفر ستر جرم بجرم وتغطيته لئلا تراه العيون ، ولما كان الكفر واحدا ، والإيمان واقع للبصيرة عن إدراك الحق شبه بما يمنع الإبصار من المحسوسات . وقيل : في قوله تعالى : { أبو حنيفة أعجب الكفار نباته } أي : الزراع لكفرهم الحب في الأرض ويسمى المجاز الذي علاقته المشابهة استعارة ، فالاستعارة أخص من المجاز ، وخص الإمام الاستعارة بالمتشابه المعنوي لا الصوري وتبعه الهندي ، وحكى عبد اللطيف البغدادي عن بعضهم : أن المجاز والاستعارة مترادفان ، وادعى بعضهم أن المجاز منحصر في المشابهة . [ ص: 72 ] ، أو المعتبر المشابهة بين ذاتيهما في المعنى اللازم المشهور في الحقيقة دون المشابهة ، وفي معنى اسمها لغة ؟ وهذا القول صححه صاحب " الميزان " من الحنفية . وشرط واختلفوا هل المعتبر المشابهة بين لفظي المستعار منه والمستعار له في بعض ما وضع اسم المستعار منه لا بين ذاتيهما في " إعجاز القرآن " أن يكون ذلك المعنى المستعار منه أبلغ حتى يكون للاستعارة فائدة . قال علي بن عيسى الرماني السمرقندي : والصحيح : أن ذلك ليس بشرط ، وإن كان هو الغالب ، وسبق في كلام ابن السمعاني ، وقال الحاجوي في " رسالاته " : شرطوا في صحة المجاز كون المعنى المجازي مشهورا في الأصل كالشجاعة التي هي صفة مشهورة للأسد والبلادة التي هي صفة مشهورة للحمار ، والأقرب : أنه لا يشترط ذلك حتى تصح تسميته أسدا ، وإن لم يكن البخر صفة مشهورة للأسد .