وقال إلكيا الطبري : يحتمل أن يقال : يتعين عليه أجازني ، ويحتمل أن يجوز أخبرني ، وحدثني ، : أن يجيز بمعين لمعين ، بأن يقول : أجزت لك الكتاب الفلاني ، وهو أعلاها . وهي أنواع : أحدها . والخلاف في هذا أقوى من الأول ، والجمهور على تجويزه ، وقال وثانيها : لمعين في غير معين ، كقوله : أجزت لك ، أو لكم جميع مسموعاتي إمام الحرمين فيما إذا قال : أجزت لك أن تروي عني ما صح عندي من مسموعاتي : فهذه إجازة مرتبة على عماية ، ويبعد أن يحصل العلم لهذا الفرع بصحة سماع الشيخ إلا بالتعويل على خطوط مشتملة على سماع الشيخ . قال : وإن رأى في ذلك مقنعا ، فإن تحقق ظهور سماع موثوق به فإذ ذاك ، وهيهات . ، وجوزه وثالثها : أن يجيز معين لمعين بوصف العموم ، مثل أجزت للمسلمين ، أو لمن أدرك حياتي ، فمنعه جماعة وغيره . وجوز الخطيب الإجازة لجميع المسلمين لمن كان موجودا فيهم عند الإجازة . القاضي أبو الطيب
، مثل أجزت [ ص: 334 ] ورابعها : الإجازة للمجهول أو بالمجهول لمحمد بن خالد الدمشقي ، وفي وقته ذلك جماعة مشتركون في هذا الاسم والنسب ، ثم لا يعين المجاز له ، أو يقول : أجزت لفلان أن يروي عني كتاب السنن ، وهو يروي جماعة من كتب السنن المعروفة بذلك ، ولا قرينة تصرف لبعضها ، فهي إجازة فاسدة ، ولا فائدة لها . هكذا قاله ، وتبعه ابن الصلاح النووي في " الروضة " وغيرها ، ويحتمل أن يقال بالجواز ، ويستبيح روايته جميعها ; لأن اللفظ ظاهر في العموم ، ولا مانع فيه . ، وهو كالنوع الرابع ، وفيه جهالة ، وتعليق بشرط ، وقد أفتى خامسها : الإجازة المعلقة بشرط ، مثل : أجزت لمن شاء فلان أو نحوه أبو الطيب بأنه لا يصح ، وعلله بأنه إجازة لمجهول ، فصار كقوله : أجزت لبعض الناس ، وجوزه ، أبو يعلى بن الفراء وأبو الفضل بن عمروس المالكي . . قال وسادسها : الإجازة بما لم يسمعه المجيز ، ولم يتحمله فيما مضى لرواية المجاز له إذا تحمله المجيز بعد ذلك : ينبغي أن يبنى ذلك على أن الإجازة في حكم الإخبار بالمجاز جملة ، أو هي إذن ، فلا يصح إن جعلت في حكم الإخبار ، إذ كيف يجيز ما لا خبر عنده منه ؟ ابن الصلاح بني على الخلاف في تصحيح الوكالة فيما لم يملكه الموكل ، والصحيح بطلان هذه الإجازة . وإن جعلت إذنا ، وقد منعه بعض [ ص: 335 ] المتأخرين . والصحيح جوازه ، وقد كان الفقيه سابعها : إجازة المجاز ، مثل : أجزت لك مجازاتي أو رواية ما أجيز لي روايته يروي بالإجازة عن الإجازة . نصر المقدسي
، وهذا نوع لم يذكروه ، ولكنه وقع في عصرنا ، والظاهر أنه يصح ، كما لو قال : وكل عني . ثامنها : الإذن في الإجازة وهذا مثل أن يقول : أذنت لك أن تجيز عني من شئت ، وهو يشمل صورا : منها الصبي ، وقد قال تاسعها : الإجازة لمن ليس أهلا لها حين الإجازة : سألت الخطيب : هل يعتبر في صحة القاضي أبا الطيب ، كما يعتبر ذلك في صحة سماعه ؟ فقال : لا يعتبر ذلك . فقلت له : إن بعض أصحابنا قال : الإجازة للطفل الصغير سنه أو تمييزه . فقال : قد يصح أن يجيز للغائب عنه ، ولا يصح السماع له ، واحتج لا تصح الإجازة لمن لا يصح سماعه بأن الإجازة إنما هي إباحة المجيز للمجاز له أن يروي عنه ، والإباحة تصح للمكلف وغيره . ومنها : المجنون ، وهي صحيحة له ، ذكره الخطيب . ومنها : الكافر ، وقد صححوا تحمله إذا أداه بعد الإسلام ، وقياس إجازته كذلك ، وقد وقعت هذه المسألة في زمن [ ص: 336 ] الحافظ الخطيب أبي الحجاج المزي وكان طبيب يسمى عبد السيد بن الزيات ، وسمع الحديث في حال يهوديته على أبي عبد الله محمد بن عبد المؤمن الصوري ، وكتب اسمه في طبقة السماع مع السامعين ، وأجاز لمن سمع ، وهو من جملتهم ، وكان السماع والإجازة بحضور ابن عبد المؤمن المزي ، وبعض السماع بقراءته ، ثم هدى الله ابن عبد السيد المذكور للإسلام ، وحدث وتحمل الطالبون عنه ، ومنها : ، ولا شك في جوازها ، وأولى من الكافر . ومنها : الإجازة للحمل ، ولم أر فيه نقلا غير أن الإجازة للفاسق والمبتدع قال : لم نرهم أجازوا لمن لم يكن مولودا في الحال ، ولم يتعرضوا لكونه إذا وقع : هل تصح ؟ ولا شك أنه أولى بالصحة من المعدوم ، ويقوى إذا أجيز له تبعا لأبويه ، ويحمل بناؤه على أن الحمل هل يعلم أم لا ؟ فإن قلنا : لا يعلم كانت كالإجازة للمجهول ، فيجري فيه الخلاف ، وإن قلنا : يعلم وهو الأصح ، صحت . الخطيب
ومنها : الإجازة للمعدوم أيضا ، كقوله : أجزت لمن يولد لفلان [ ص: 337 ] جوزه ، ابن الفراء وابن عمروس ، . قال والخطيب ابن الصباغ : ومأخذهم اعتقاد أن الإجازة إذن في الرواية لا محادثة . والصحيح الذي اتفق عليه رأي أنها لا تصح ، أما إجازته عطفا على الحي كقوله : أجزت لك ، ولولدك ، فهي إذن إلى الجواز أولى ، ولهذا أجازه أصحابنا في الوقف . القاضي أبي الطيب