المرتبة الرابعة : ، فهذا يتطرق إليه من الاحتمالات ما يتطرق ل " قال " ، و " أمر " ، ويزيد أن يكون الآمر والناهي بعض الخلفاء أو الأمراء ، والذي عليه أن يبني الصيغة للمفعول فيقول : أمرنا بكذا ، أو نهينا عن كذا وأكثر الأئمة أنه حجة ، وصرف الفعل إلى من له الأمر وهو النبي صلى الله عليه وسلم ، وبه قال الشافعي عبد الجبار ، وأبو عبد الله البصري ، وخالف [ ص: 300 ] أبو بكر الصيرفي والإسماعيلي ، وإمام الحرمين منا ، والكرخي من الحنفية ، وأكثر مالكية والرازي بغداد ، ومنعوا إضافة ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم لعدم تسمية الفاعل ; لأنه يحتمل غيره قطعا ، فلا يضاف إليه بالاحتمال . وحكى أبو الحسين بن القطان أن نص في الجديد على أنه ليس في حكم المرفوع ، وفي القديم على أنه مرفوع ، وسيأتي بيانه . الشافعي
وحكى ابن السمعاني قولا ثالثا بالوقف ، وحكى ابن الأثير الجزري في مقدمة " جامع الأصول " قولا رابعا بالتفصيل بين أن يكون القائل ذلك الصديق فمرفوع ; لأنه لم يتأمر عليه غيره . ويخرج من كلام ابن دقيق العيد خامس ، فإنه قال في " شرح الإلمام " : إن كان قائله من أكابر الصحابة كالخلفاء الأربعة فيغلب على الظن غلبة قوية أن الآمر هو الرسول ، وفي معناهم علماء الصحابة كابن مسعود ، وزيد بن ثابت ، وفي معناهم من كثر إلمامه بالنبي وملازمته ومعاذ بن جبل كأنس ، وأبي هريرة ، وابن عمر . وإن كان ممن هو بعيد عن مثل ذلك من آحاد الصحابة الذين [ تأخر ] التحاقهم برسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو يفدون إليه ، ثم يعودون إلى بلادهم ، فإن الاحتمال فيهم قوي . انتهى . وحاصله تفاوت الرتب في ذلك ، ولا شك فيما قال . والأظهر قبوله مطلقا ، وإضافته إلى النبي صلى الله عليه وسلم ; لأن مراد الصحابي إنما هو الاحتجاج بقوله : أمرنا ، فيجب حمل الأمر على صدوره ممن يحتج بقوله ، وهو النبي صلى الله عليه وسلم إذ غيره لا حجة في أمره . [ ص: 301 ] قال وابن عباس القاضي في " التقريب " : ولا فرق بين أن يقول الصحابي ذلك في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، وبين قوله بعد وفاته ، وفي الزمن الذي ثبتت فيه حجية الإجماع ; لأنا لا نعرف أحدا فصل ذلك في الصحابي ، وأما إذا قاله من بعده ، فلا يمتنع أن يريد به أمر الأئمة ، وتردد الغزالي في أن قول التابعي ذلك موقوف ، أو مرفوع مرسل ، وجزم من الحنابلة بأنه مرسل . ابن عقيل