وهنا تنبيهات الأول : ما ذكرنا من أن هو المشهور ، وخالف في ذلك الخبر موضوع لهما القرافي ، وادعى أن العرب لم تضع الخبر إلا للصدق ، وليس لنا خبر كذب . قال : واحتمال الصدق والكذب إنما جاء من جهة المتكلم ، لا من جهة الوضع ، ونظيره قولنا : الكلام يحتمل الحقيقة والمجاز ، وأجمعوا على أن المجاز ليس من الوضع الأول . قال : وظن جماعة من الفقهاء أن احتمال الخبر للصدق والكذب مستفاد من الوضع اللغوي ، وليس كذلك ، بل لا يحتمل الخبر من حيث الوضع إلا الصدق ; لاتفاق اللغويين والنحاة على أن [ ص: 78 ] معنى قولنا : قام زيد ، حصول القيام في الزمن الماضي ، ولم يقل أحد منهم : إن معناه صدور القيام أو عدمه ، وإنما احتماله من جهة المتكلم لا من جهة اللغة ، وهذا الذي قاله القرافي مصادم لإجماع الناس على أن الخبر موضوع لأعم من ذلك ، وقوله : الإجماع منعقد على أن معنى قولنا : قام زيد حصول القيام ممنوع ، وإنما مدلوله الحكم بحصول القيام ، وذلك يحتمل الصدق والكذب .