4885 - حدثنا فهد ، قال : ثنا ، قال : سمعت أبو نعيم يقول سفيان . في رجل تزوج ذات محرم منه فدخل بها . قال : لا حد عليه
وكان من الحجة على الذين احتجوا عليهما بما ذكرنا أن في تلك الآثار أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالقتل وليس فيها ذكر الرجم ، ولا ذكر إقامة الحد .
وقد أجمعوا جميعا أن فاعل ذلك لا يجب عليه قتل ، إنما يجب عليه - في قول من يوجب عليه الحد - عليه الرجم إن كان محصنا .
فلما لم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم الرسول بالرجم ، وإنما أمره بالقتل ، ثبت بذلك أن ذلك القتل ليس بحد للزنا ، ولكنه لمعنى خلاف ذلك .
وهو أن ذلك المتزوج فعل ما فعل من ذلك على الاستحلال ، كما كانوا يفعلون في الجاهلية ، فصار بذلك مرتدا ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفعل به ما يفعل بالمرتد .
وهكذا كان أبو حنيفة وسفيان رحمهما الله ، يقولان في هذا المتزوج إذا كان أتى في ذلك على الاستحلال أنه يقتل .
فإذا كان ليس في هذا الحديث ما ينفي ما يقول أبو حنيفة وسفيان ، لم يكن فيه حجة عليهما ؛ لأن مخالفهما ليس بالتأويل أولى منهما .
[ ص: 150 ] وفي ذلك الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عقد لأبي بردة الراية ، ولم تكن الرايات تعقد إلا لمن أمر بالمحاربة ، والمبعوث على إقامة حد الزنا غير مأمور بالمحاربة .
وفي الحديث أيضا أنه بعثه إلى رجل تزوج امرأة أبيه ، وليس فيه أنه دخل بها .
فإذا كانت هذه العقوبة وهي القتل مقصودا بها إلى المتزوج لتزوجه ، دل ذلك أنها عقوبة وجبت بنفس العقد ، لا بالدخول ، ولا يكون ذلك إلا والعاقد مستحل لذلك .
فإن قال قائل : فهو عندنا على أنه تزوج ودخل بها .
قيل له : وهو عند مخالفك على أنه تزوج واستحل .
فإن قال : ليس للاستحلال ذكر في الحديث .
قيل له : ولا للدخول ذكر في الحديث ، فإن جاز أن تحمل معنى الحديث على دخول غير مذكور في الحديث جاز لخصمك أن يحمله على استحلال غير مذكور في الحديث .
وقد روي في ذلك حرف زائد على ما في الآثار الأول .