قال رحمه الله ( ولو قتل به ) يعني رجل قطع يد رجل فاقتص له فمات المقطوع الأول قتل المقطوع الثاني به ، وهو القاطع الأول قصاصا ; لأنه تبين أن الجناية كانت قتلا عمدا من الأول واستيفاء الحق الأول لا يوجب سقوط حقه في القتل ; لأن من له القصاص في النفس إذا قطع يده فاقتص له فمات الأول لا يجب عليه شيء إلا أنه مسيء ألا ترى أنه لو أحرقه بالنار لا يجب عليه شيء غير الإساءة فإذا بقي له فيه القصاص فلوارثه أن يقوم مقامه وعن قطع طرف من عليه القصاص ثم قتله أنه يسقط حقه في القصاص ; لأن إقدامه على القطع دليل على أنه أبرأه عن غيره قلنا إنما قدم عليه على ظن أنه حقه فيه [ ص: 364 ] لا حق له في غيره وبعد السراية تبين أن حقه في القود فلم يكن مبرئا عنه بدون علمه قيد بقوله الأول ; لأنه لو مات المقتص منه ، وهو المقطوع قصاصا من القطع فديته على عاقلة المقتص له عند أبي يوسف . أبي حنيفة
وقال أبو يوسف ومحمد لا شيء عليه ; لأنه استوفى حقه ، وهو القطع فيسقط حكم سرايته إذ الامتناع عن السراية خارج عن وسعه فلا يتقيد بشرط السلامة كي لا ينسد باب القصاص فصار كالإمام وإذا والشافعي كالنزاع والفصاد والحجام والختان وكما لو قطع يد السارق فسرى إلى النفس ومات ، وهذا ; لأن السراية تبع لابتداء الجناية فلا يتصور أن يكون ابتداء الفعل غير مضمون وسرايته مضمونة قال لغيره اقطع يدي فقطعها ومات أن حقه في القطع والموجود قتل حتى لو قطع ظلما كان قتلا فلم يكن مستوفيا حقه فيضمن ، وكان القياس أن يجب القصاص إلا أنه سقط للشبهة فوجبت الدية بخلاف ما ذكروا من المسائل ; لأن إقامة الحد واجب على الإمام . ولأبي حنيفة