الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        قال رحمه الله ( وإن اختصم موالي الأم وموالي الأب في ولائه فقضى به لموالي الأم فهو قضاء بالعجز ) ; لأنه إذا كانت الخصومة في نفس الولاء بأن مات الولد بعد موت الأب قبل خروج الدين وقضى بميراثه لمولى الأم بطلت الكتابة ; لأن القاضي يقضي بكون الولاء لمولى الأم ; لأن الخصومة وقعت في الولاء ومن ضرورة القضاء فسخ الكتابة ; لأن الولاء من جانب الأم لا يثبت إلا إذا تعذر إثباته من جانب الأب وإنما يتعذر بفسخ الكتابة ; لأنها لو كانت باقية يمكن أن يثبت من جانبه بالأداء ، ولو خرج الدين بعد ذلك يكون لمولى المكاتب ميراثا عن عبده ; لأن صيانة القضاء عن الانتقاض واجب بالإجماع وفسخ الكتابة بعد موت المكاتب مختلف فيه فكان فسخ الكتابة أولى من نقض القضاء ; لأن القضاء بالفعل لا ينفسخ وبالقضاء ظهر العجز مطلقا حتى لو ظهر مال مقدار البدل وأخذه المولى لا يكون بدلا عن الكتابة بخلاف ما قبل القضاء قال في المحيط .

                                                                                        وإذا مات المكاتب عاجزا وترك ولدا حرا فظهر للمكاتب وديعة أديت منها كتابته ولا يتحول ولاء الولد إلى مولى الأب ; لأن المودع أقر بشيئين أقر بأنه ملك المكاتب وأقر أن ولاءه تحول فإقراره على نفسه صحيح فيصدق فيه وإقراره بتحول الولاء إلى غيره لا يصدق فيه ألا ترى أن المولى لو أقر أنه استوفى منه بدل الكتابة قبل موته لا يصدق في حق تحول الولاء إلى موالي الأب فكذا هنا ، وأما إذا مات لا عن وفاء ولا ولد فاختلفوا في بقاء الكتابة قال الإسكافي تنفسخ حتى لو تطوع له إنسان بأداء بدل الكتابة عنه لا تقبل منه ، وقال أبو الليث لا تنفسخ ما لم يقض القاضي بعجزه حتى لو تطوع إنسان عنه قبل القضاء بالفسخ جاز ويحكم بعتقه في آخر جزء من أجزاء حياته .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية